حبيب: إنما ذلك إذا استوى الطعام أو تقارب، وأما إن اختلف فزاد صاحب الجيد على صاحب الرديء الدرهم والدرهمين في المدي، فلا يمنع من ذلك، وتحديده الدرهم والدرهمين في المدي فيما بين الجيد والرديء إنما هو على ما يعرف بالأندلس من أنه ليس بين قمحها من الاختلاف مثل ما بإفريقية، ولا مثل ما بمكة حيث يجتمع والمحمولة قاله الفضل وهو صحيح، وإذا كان الرديء كان الاختلاف بزيادة اليسير الواحد والاثنين والثلاثة ونحو ذلك، أقر الأكثر على ما يبيعون، فيضم الأقل إليهم حتى يكونوا كثيرا، فإن كانوا كثيرا قيل للباقين وإن كانوا أكثر منهم: إما أن تبيعوا كما يبيع هؤلاء، وإما أن ترفعوا من السوق، فلا يرد الكثير إلى القليل، ويرد إلى الكثير القليل، والكثير إذا كان الكل قليلا، فالأقل منهم تبع للأكثر إذا كان الأكثر يبيعون أرخص، وإن كان الأكثر هم الذين يبيعون أغلى، ترك كل واحد منهم على ما يبيع، وقد ذهب بعض الناس تأويلا على رواية ابن القاسم هذه، وما كان مثلها أن الواحد والاثنين من أهل السوق ليس لهم أن يبيعوا بأرخص مما يبيع أهل السوق؛ لأنه ضرر بهم. وممن ذهب إلى ذلك أبو محمد عبد الوهاب بن نصر البغدادي، وهو غلط ظاهر؛ إذ لا يلام أحد على المسامحة في البيع، والحطيطة فيه، بل يشكر على ذلك إن فعله لوجوه الناس، ويؤجر فيه إذا فعله لوجه الله، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل مالك عمن حلف ليجلدن امرأته خمسين سوطا، قال: لو استشارني السلطان لأمرته أن يمنعه من ضربها، ولأمرته أن يطلقها، ولا آمره أن يجلدها أجعلها به.