قال محمد بن رشد: قول سحنون هذا صحيح بين على قياس القول بأنه لا تجوز شهادة الرجل أن الميت أوصى إليه بالنظر في تنفيذ وصيته، وهو المنصوص عليه في المدونة. قال فيها: لا تجوز شهادة الموصى إليه، وإن كان طالب المال غيره. وقال فيها أيضا: إن شهادة الشاهدين لا تجوز بأن الميت أوصى لابنه، وإذا لم تجز شهادتهما بأنه أوصى لابنه فشهادتهما بأنه أوصى إليه أحرى ألا تجوز، وقد قيل: إن شهادتهما بذلك جائزة، وهو دليل قوله في المدونة في الذي شهد أن الميت أوصى لقوم بوصايا، وأوصى للشاهد. قال ابن القاسم: فسمعت مالكا يقول: إن كان الذي شهد به لنفسه تافها يسيرا لا يتهم عليه، فشهادته جائزة، فأجاز شهادته إن كان الذي شهد به لنفسه يسيرا مع أنه أوصى إليه، فعلى هذا تجوز شهادتهما في الوصية قبلاها أو لم يقبلاها، فإن قبلاها نظرا فيها، وإن لم يقبلاها وكل القاضي عليها من رآه أهلا لها، والله الموفق لا رب غيره، تم الكتاب الثاني من الأقضية، بحمد الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015