حكم به؟ فقال: نعم، ولا يحل لأحد من القضاة أن ينفذ له حكما إذا كان من غير أهل العدل، قلت: وكيف يكشف القاضي الذي ولي بعده أحكامه؟ أيتصفح قراءة ما كان سجل به للناس، وأشهد لهم عليه مما كان حكم به لهم؟ أم يقال للخصماء: استأنفوا الخصومة؟ فقال: إذا كان من غير أهل العدل، وخيف أن يكون كان يقبل من الشهداء غير العدول، أو يجور في أحكامه أو ما أشبه هذا، نقضت أحكامه، وأمر الخصوم باستئناف الخصام، وذلك أن القاضي إذا كان جائرا فإنه لا يكاد يكتب للناس كتب أقضيته لهم إلا صحيحة الظاهر، مستقيمة الحكم، قال: ولكن إذا كان القاضي ممن لا يتهم بتعمد الجور، ولا تجويز شهادة غير العدول وهو مجتهد في العدل، غير أنه جاهل بالسنن، تارك للاستشارة لأهل العلم يحكم باستحسانه، ويقطع الأحكام برأيه، فهذا الذي يتصفح أحكامه ويقرأ ما أشهد للناس عليه في سجلاته لهم، فإن كانت صوابا في ظاهرها أنفذت للذي أمن جوره وعرف من صلاح حاله، وإن كان منها خلاف كتاب الله، أو سنة ماضية غير مختلف فيها فسخ ذلك من أحكامه للذي عرف منه من الجهالة، وحكم به بخلاف السنة، وإن كان الذي حكم به أمرا قد اختلف فيه أهل العلم حمل من ذلك ما يحمل للذي جاء فيه من الاختلاف إذا كان أخذ بأحد الأقاويل، ولم يرد مثل هذا من أحكامه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015