" المبسوط " لمحمد بن مسلمة أنه لا يصليها إلا سلطان أو مأمور أو رجل مجمع عليه، وهو قريب من ذلك كله خلاف المعلوم من مذهب مالك في " المدونة " وغيرها، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل عن الصلاة بعد الجمعة في المسجد أمكروه؟ فقال: أما الناس فلا، وأما الأئمة فينصرفون ولا يصلون فيه، وقد كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والأئمة ينصرفون إذا فرغوا.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في كتاب الصلاة الثاني من " المدونة " في الإمام أنه لا ينبغي له أن يركع في المسجد يوم الجمعة على إثر صلاة الجمعة، وخلاف قوله فيه في الناس؛ لأنه استحب لهم فيه أن لا يركعوا، ورأى ذلك لهم واسعا إن ركعوا، وخلاف قوله في الصلاة الأول منها؛ لأنه كره لهم فيه أن يركعوا ولى يوسع في ذلك. فتحصل في ركوع الناس يوم الجمعة في المسجد لمالك ثلاثة أقوال: أحدها أنه لا كراهة في الركوع ولا استحباب في الجلوس، فإن جلس لم يؤجر، وإن ركع كان له أجر صلاته كاملا، كما لو صلى في غير ذلك الوقت من الأوقات التي لا تكره فيها الصلاة، وهو الذي يأتي على هذه الرواية، والثاني أن الجلوس مستحب والركوع واسع، فإن جلس ولم يصل أجر على جلوسه، وإن صلى أجر على صلاته، والله أعلم أيهما أعظم أجرا، وهو الذي يأتي على قول مالك في الصلاة الثاني من " المدونة "، والثالث أن الركوع مكروه والجلوس مستحب، فإن جلس ولم يصل أجر، وإن صلى لم يأثم، وهذا الذي يأتي على ما في الصلاة الأول من " المدونة "، فالجلوس على هذا القول أولى من الصلاة، والصلاة على القول الأول أولى من الجلوس. وإنما جاء هذا الاختلاف لما روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا