قال القاضي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قد قيل: إنه ليس على الإمام أن يستحلفه في الوجهين جميعا خرج أو وكل، ويكتب له دون يمين؛ لأنه يقول للإمام لا تحلفني فلعله لا يدعي علي أنه قضى لي منه شيئا، وهو ظاهر ما في رسم حمل صبيا من سماع عيسى من كتاب البضائع والوكالات، وما في نوازل أصبغ منه، فإن كتب لوكيله على هذا القول دون أن يستخلفه فقدم عليه، فادعى أنه قد دفع إليه جميع الدين أو بعضه، فإن كانت غيبته قريبة على مسيرة اليومين ونحوهما أخر حتى يكتب إليه فيحلف، وإن كانت غيبته بعيدة لم يؤخر، وقضى عليه بالدين، ولم يؤخر إلى لقاء صاحبه، وهو نص قول محمد بن عبد الحكم، ومعنى قول ابن القاسم في سماع عيسى من كتاب البضائع والوكالات، وقول أصبغ في نوازله منه، وعلى ما في نوازل عيسى من كتاب البضائع والوكالات في الذي يوكل الرجل على طلب عبد له في بلدة أخرى فيقيم عليه البينة أنه للذي وكله أن الإمام لا يقضي له به حتى يحلف الموكل أنه ما باع، ولا وهب، فإن كان قريبا أمر أن يأتي به حتى يحلف، وإن كان بعيدا كتب إلى إمام بلده الذي ثبت عنده توكيله، وأمره أن يحلفه، فإذا أتاه جواب كتابه بأنه قد حلفه قضى به لوكيله، لا يقضي للوكيل بالدين حتى يكتب إليه فيحلف في موضعه الذي هو فيه. وقد ذهب بعض المتأخرين إلى التفرقة بين المسألتين بأن قال: إن اليمين في مسألة العبد من تمام الشهادة فهي يمين يوجبها الحكم فلا يقضى له بالعبد إلا بعد اليمين، وفي مسألة الدين ليس اليمين من تمام الشهادة ولا مما يوجبها الحكم، وإنما تجب بدعوى الغريم القضاء، فيقال له: أد الدين إلى الوكيل واستحلف صاحبك، إذ الغيبة بدعواك. وذهب ابن أبي زيد إلى حمل المسألتين بعضهما على بعض، وهو بين من مذهب أصبغ؛ لأن ابن حبيب حكى عنه في الواضحة في مسألة العبد أنه يقضى به للوكيل في غيبة الموكل إذا كانت بعيدة، ولا