[مسألة: الوكالة في الخصومة عن الغائب]

مسألة وسئل عن الشريكين يدعيان قبل رجل شيئا فأمرهما القاضي أن يستخلفا أو يخاصمه أحدهما يوصيان بذلك فيقولان من حضر منا فهو خليفة الغائب أينما حضر، فهو يخاصم عن صاحبه، قال: لا يمكنهما من ذلك؛ لأني سمعت مالكا، وسئل عن رجل خاصم رجلا في حق له، وقاعده عند السلطان ثم أراد أن يوكل، قال: ليس ذلك له إلا من علة؛ وسئل عن ورثة رجل ادعوا منزلا بيد رجل وهم جماعة، أيخاصمه كل واحد منهم لنفسه؟ قال: بل يرتضون جميعا بمن يخاصمه، ويدلوا إليه بحججهم يخاصم عنهم، وليس يخاصمه هذا وهذا؛ لأنه أمر واحد، أو يحضرون إليه جميعا فيدلون بحججهم، فأرى ذلك لهم، فأما أن يتعاوروه، هذا يوم وهذا يوم، فليس ذلك لهم.

قال القاضي: هذا بين على ما قال؛ لأن الورثة فيما يطلبون عن موروثهم، والشركاء فيما يطلبون عن أنفسهم بمنزلة الرجل الواحد، فكما لا يجوز للرجل الواحد أن يوكل وكيلين على الخصام يتعاوران خصمه إذا غاب أحدهما حضر الآخر، ولا أن يوكل وكيلا يخاصم معه إذا غاب حضر وكيله، وإذا غاب وكيله حضر هو، فكذلك لا يجوز للشركاء (ولا للورثة) أن يتعاوروا خصمهم بالخصام؛ لما في ذلك من الإضرار به؛ لأنه يخاصم أحدهم حتى إذا انتفى عليه ويوجه له القضاء غاب عنه، وأتى صاحبه بحجة يستحدثها. ولهذا المعنى لم يكن لمن ناشب خصمه الخصام وقاعده عند السلطان أن يوكل من يخاصم عنه، ولا أن يعزل وكيلا قد وكله فيوكل غيره، أو يتولى هو الخصام بنفسه، إلا أن يكون له عذر من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015