الميراث إنما وجب لظهور الولد بينهما بعد إقراره بنكاحها، لا لكونها في ملكه وتحت حجابه لكونها على ذلك في الأصل لحق الملك وهو صحيح من التأويل، ولو كانت بائنة عنه في مسكنها لم يرث واحد منهما صاحبه إذا لم تقم بينة على أصل النكاح إلا أن يكونا متقاررين جميعا على النكاح في صحتهما مع طول الأمر واشتهاره. قاله ابن القاسم في رسم الكبش من سماع يحيى من كتاب النكاح، وفي ذلك اختلاف قد ذكرناه هناك وسيأتي تحصله في رسم الأقضية من سماع يحيى من كتاب الشهادات إذا مررنا به إن شاء الله. وقوله: إن لها الخمسين دينارا التي أقر لها بها في مرضه من بقية مهرها إذا لم يمت من ذلك المرض صحيح، إذ لا فرق بين أن يقر لها به وهو صحيح، وبين أن يقر لها به وهو مريض ثم يصح بعد ذلك وقوله: إنها لا شيء لها مما تصدق به عليها وهو مريض، وإن صح بعد ذلك إلا أن تقبض ذلك في صحته صحيح؛ لأن الصدقة تفتقر إلى الحيازة في صحة المتصدق، كانت على وارث أو أجنبي، بخلاف الإقرار بالدين، ذلك ينفذ في الصحة للوارث وغير الوارث، وفي المرض إلا لمن يتهم عليه من الورثة، ففي قوله وإن مات من مرضه الأول الذي أقر لها فيه بما أقر وتصدق عليها به بما تصدق فلا مهر لها نظر، لما في المسألة من أنه قد ولد له منها أولاد، وإن لها الثمن، والولد يرفع التهمة عنه في إقراره لها ببقية الصداق إذا لم يتهم فيها بصبابة وميل إليها، إلا أن يكون بعضهم صغيرا منها وبعضهم كبيرا، أو جميعهم صغار منها وهن إناث، ويبعد أن يكون أراد ذلك، فمعنى ما تكلم عليه والله أعلم، إذا كان الولد الذي ولد له منها قد مات فورث بغير ولد وبالله التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015