يحسن القرآن أي: يحفظه، لم تجزه صلاته وأعادها، قاله ابن المواز. وإن ائتم به أحد أعاد الصلاة، قاله ابن القاسم في " المدونة ". وكتاب ابن المواز في الذي لا يحسن القرآن أي: لا يحفظ شيئا منه ولا يعرفه، قال ابن المواز: ويعيد هو أيضا؛ لتركه الائتمام به. وقد اختلف في الذي يحسن القرآن، أي: يحفظه ولا يحسن قراءته ويلحنه على أربعة أقوال: أحدها أن الصلاة خلفه لا تجوز، وإن لم يلحن في أم القرآن إذا كان يلحن في سواها، قاله بعض المتأخرين تأويلا على ما لابن القاسم في " المدونة " في الذي لا يحسن القرآن؛ لأنه حمله على الذي لا يحسن القراءة، وقال: إن لم يفرق فيها بين أم القرآن وغيرها، وهو بعيد في التأويل غير صحيح في النظر، والثاني: أن الصلاة خلفه جائزة إن كان لا يلحن في أم القرآن، ولا تجوز إن كان يلحن في أم القرآن، والثالث: أن الصلاة لا تجوز خلفه إن كان لحنه لحنا يتغير به المعنى، مثل أن يقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] بكسر الكاف، و {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] برفع التاء، وما أشبه ذلك، وتجوز إن كان لحنه لحنا لا يتغير به المعنى، مثل أن يقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الفاتحة: 2] بكسر الدال من الحمد ورفع الهاء من الله، وما أشبه ذلك، وهذا قول ابن القصار وعبد الوهاب، والرابع: أن الصلاة خلفه مكروهة ابتداء، فإن وقعت لم تجب إعادتها، وهذا هو الصحيح من الأقوال؛ لأن القارئ لا يقصد ما يقتضيه اللحن، بل يعتقد بقراءته ما يعتقد بها من لا يلحن فيها، وإلى هذا ذهب ابن حبيب. ومن الحجة له ما روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل المسجد يوما، فمر بالموالي وهم يقرؤون ويلحنون فقال: نعم ما قرأتم، ومر بالعرب وهم يقرؤون ولا يلحنون فقال: هكذا أنزل» . وأما الألكن الذي لا تتبين قراءته والألثغ الذي لا يتأتى له النطق ببعض الحروف، والأعجمي الذي لا يفرق بين الطاء والضاد والسين والصاد وما أشبه ذلك، فلا اختلاف في أنه لا إعادة على من ائتم بهم، وإن كان الائتمام بهم مكروها إلا ألا يوجد من