فلا يجوز لها أن تفترق طائفتين، فتصلي كل طائفة منها بإمام على حدة؛ لقول الله -عز وجل-: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 107] . ألا ترى أن الله -تبارك وتعالى- لم يبح ذلك للغزاة مع شدة الخوف، وشرع لهم أن يجتمعوا على إمام واحد، وكذلك أهل السفينة لا يجوز لهم أن يفترقوا على طائفتين في الصلاة، فلما كان ذلك لا يجوز لهم كره للذين نزلوا إذا جاؤوا أن يجمعوا الصلاة لأنفسهم إذا كان الذين بقوا قد جمعوا تلك الصلاة؛ لئلا يكون ذلك ذريعة إلى ما لا يجوز من تفرقة الجماعة، لا سيما إن كان الذين بقوا إنما جمع بهم إمام راتب لهم، وأجاز في " المدونة " أن يصلي الذين فوق سقف السفينة بإمام والذين تحته بإمام آخر؛ لأنهما موضعان، فليس ذلك بخلاف لهذه الرواية، والله أعلم.
مسألة وسئل عمن تبسم في الصلاة، فقال: يسجد سجدتي السهو، فقلت له: أقبل السلام أم بعده؟ فقال لي: قبل السلام.
قال محمد بن رشد: أوجب في هذه الرواية سجود السهو قبل السلام في التبسم، ولم يفرق بين أن يكون متعمدا أو جاهلا أو مغلوبا أو ناسيا يرى أنه في غير صلاة، ووجه ذلك أنه أسقط الخشوع فهو في النسيان أظهر فيما عداه، فيحتمل أن يكون ذلك وجه ما أراد على ما في " المدونة "، وفي رسم "البراءة" من سماع عيسى لا سجود عليه ناسيا كان أو متعمدا. وقد نص على ذلك في سماع عيسى فقال: لو كان عليه سجود السهو إذا نسي لكان عليه إعادة الصلاة إذا تعمد، وهو الصواب؛ إذ لا سجود على من التفت في صلاته أو عبث فيها بيده أو سوى الحصباء بنعله، أو فعل ما أشبه ذلك مما يفعله في الصلاة ترك الخشوع فيها ناسيا كان أو متعمدا باتفاق، وسيأتي التكلم