قال الإمام: قوله: وهو منه على مثل ما يجوز للرجل أن يركع فيه مع الإمام من البعد، أي: وهو منه على مثل ما يجوز للرجل أن يركع فيه معه من البعد، فيدب راكعا إلى الصف، فمعنى المسألة أنه إذا كان على هذا الحد من البعد فركع دون الصف، وعجل الإمام بالرفع قبل أن يصل إلى الصف، أنه لا يمشي حتى يفرغ من سجود تلك الركعة. وقد مضى القول في هذه المسألة مستوفى في أول رسم "اغتسل " من سماع ابن القاسم، فقف على ذلك وتدبره، وبالله التوفيق.
ومن كتاب الصلاة الثاني مسألة قال: وسئل عن الصلاة خلف الإباضية والواصلية، فقال: ما أحبه، فقيل له: فالسكنى معهم في بلادهم؟ فقال: ترك ذلك أحب إلي.
قال محمد بن رشد: الإباضية والواصلية فرقتان من فرق الخوارج الذين أعلم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخروجهم على المسلمين ومروقهم من الدين. وقوله في الصلاة خلفهم: لا أحبه، يدل على أنه لا يرى الإعادة على من صلى خلفهم، وهو قول سحنون وكبار أصحاب مالك، وقيل: إنه يعيد في الوقت، وهو قول ابن القاسم في " المدونة "، وقيل: إنه يعيد في الوقت وبعده، وهو قول محمد بن عبد الحكم، وقاله ابن حبيب، إلا في الوالي أو خليفته على الصلاة؛ لما في ترك الصلاة خلفهم من الخروج عليهم وما يخشى في ذلك من سفك الدماء. وقد تأول بعض الشيوخ ما في " المدونة " لمالك على عكس تفرقة ابن حبيب؛ لقوله: وأرى إن كنت تتقيه وتخافه على نفسك أن تصلي معه وتعيد ظهرا أربعا، والتفرقة بين ذلك استحسان، وكذلك الإعادة في الوقت، فالخلاف في