شيئا، وإنما لك علي أن أبلغك إلى مكة؛ لأني لم أكرك دابة بعينها، وإنما أكريتك كراء مضمونا علي وهذه دابة أخرى فاركبها، إن القول قول الراكب المكتري، وعلى صاحب الدابة أن يرد عليه بقدر ما قصرت عنه الدابة. ووجه الحجة في ذلك أن الكراء ينقطع بينهما بموت الدابة إذا اكتريت بعينها، فهذه الدابة لما هلكت فقد انقطع الكراء بينهما، ووجب للراكب من الكراء بقدر ما قصرت عنه الدابة، فإن قال صاحب الدابة: لم أكركها بعينها وإنما أكريتك كراء مضمونا علي، قلنا له: أنت مدع فيما تقول، فهات البينة على أن الأمر كما ذكرت، فأما الأمر عندنا فقد تبين لنا أن الكراء بينهما قد بطل. ألا ترى أن الراكب لو قال لصاحب الدابة: لم أكتر منك هذه الدابة بعينها ولكني أكتريت منك كراء مضمونا عليك أن تبلغني مكة، وقال صاحب الدابة: إنما أكريتك هذه الدابة بعينها وقد انقضى الكراء بيني وبينك، إن الراكب مدع فيما يقول إن ادعى هذا؛ لأن الكراء قد انفسخ بينهما لموت الدابة، فلما ادعى ركوبا مضمونا قلنا له: أنت مدع فيما تقول فهات البينة، والحجة أيضا في ذلك أن رجلا لو اكتري دابة ثم اختلفا فقال صاحبها: أكريتك هذه الدابة بعينها وهذه الدابة الأخرى، وقال المتكاري: بل إنما أكريت منك هذه الدابة وحدها لإحدى تينك الدابتين أنهما يتحالفان ويتفاسخان، فكذلك الذي أكرى دابته فلما هلكت قال: أكريتك كراء مضمونا إنما هو رجل قال: أكريتك تلك الدابة ودابة أخرى، وقال الآخر: بل أكريت منك تلك الدابة بعينها. فلا بد من أن يتحالفا ويتفاسخا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015