ولم يعلم أن من وراءهم نزلوا ولا لزمهم ذلك. قيل له: وكذلك النزول إلى العيدين؟ قال: نعم وأرى الذي يجب في النزول إلى العيدين ثلاثة أميال فدون ذلك، ولقد رأيت ناسا من ولد عمر بن الخطاب ينزلون للعيدين من ذي الحليفة، وما ذلك على الناس، وليس العيدان كالجمعة؛ لأن العيدين إنما يكونان في الزمان والجمعة تكون في كل سبعة أيام.
قال محمد بن رشد: قوله في هذه الرواية: " إن النزول يجب إلى الجمعة وإلى العيدين من ثلاثة أميال" فدون خلاف قوله في " المدونة ": إنها إن كانت زيادة يسيرة فأرى ذلك عليه، والذي في " المدونة " أولى؛ إذ ليس الحد في ذلك بنص، وإنما أخذ بالاجتهاد والتأويل من فعل أهل العالية. وقد روى علي بن زياد عن مالك أنه إنما ينزل إليها من ثلاثة أميال؛ لأنه منتهى صوت المؤذن، وهذا لمن كان خارج المصر؛ لقوله عز وجل: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] . وأما من كان في المصر الكبير فتجب عليه الجمعة، وإن كان بين منزله والجامع ستة أميال، وكذلك روى ابن أبي أويس وابن وهب عن مالك. والثلاثة الأميال تعتبر على ظاهر رواية علي بن زياد عن مالك من موضع المؤذن، وقيل: إنها تعتبر من طرف المدينة حيث يقصر الخارج ويتم الداخل، وهو قول محمد بن عبد الحكم. وقد روي عن رجل من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أهل قباء أنه قال: «أمرنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن نشهد الجمعة من قباء» . وروي عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «الجمعة على من آواه الليل إلى أهله» إلا أنه حديث لا يصح، قد