قال محمد بن رشد: قوله في أهل برقة: يستسقون إذا لم يسل واديهم الذي يشربون منه وإن كانوا قد مطررا ما زرعوا عليه الزرع الكثير، إنما يريد بذلك الدعاء لا البروز إلى المصلى على سنة الاستسقاء؛ لأن ذلك إنما يكون عند الحاجة الشديدة إلى الغيث حيث فعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد روى أبو المصعب عن مالك أن البروز إلى الاستسقاء لا يكون إلا عند الحطمة الشديدة، فإذا كان ذلك وبرز الناس إلى الاستسقاء فتأخر السقيا والوه كما قال مالك، ولا حد في ذلك؛ لأن الدعاء عبادة، والله يحب من عباده أن يتضرعوا إليه عندما ينزل بهم كما أمرهم حيث يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] ، وقد أثنى الله -عز وجل- على الداعين إليه فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90] ، وذم من قصر في ذلك فقال: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: 76] ، وكذلك قوله أيضا في الاستسقاء بعد المغرب والصبح إنما يريد به الدعاء لا البروز إلى المصلى؛ لأن السنة في ذلك لا تكون إلا في الضحى.
مسألة قال: وسأله ابن كنانة عن التكبير في الأذان أهو مثل الإقامة الله أكبر الله أكبر مرتين؟ أم الله أكبر الله أكبر أربع مرات؟ فقال: لا، هو مثله في الإقامة، اكتب إليه: هو مثل ما يؤذن الناس عندنا اليوم.
قال المؤلف: اختلف أهل العلم من الأذان في موضعين: أحدهما: التكبير في أوله هل هو مثنى أو مربع، والثاني: الترجيع في الشهادة، فذهب أهل العراق إلى أن التكبير في أول الأذان مربع على ما روي عن أبي محذورة