مسألة قيل له: أرأيت الذي يصلي العشاء ثم يصلي بعدها ركعات، ثم يجلس، ثم يبدو له بعد ذلك أن يوتر، أيوتر بواحدة أم يصلي اثنتين قبلها؟ فقال: أرجو أن يكون له سعة في أن يوتر بواحدة ولا يصلي قبلها إذا كان قد ركع بعد العشاء. قيل له: وإنما الوتر واحدة يفصل بينها وبين الاثنين بسلام؟ فقال: نعم، وأنا كذلك أفعل.
قال محمد بن رشد: قوله: إنه يوتر بواحدة وإن طال ما بين الركعتين والواحدة إذا كان ذلك في الليل قبل الفجر، صحيح على مذهبه أن السنة عنده أن يفصل بين الوتر وما قبله من الشفع بسلام، وهو خلاف ما في آخر رسم "لم يدرك" من سماع عيسى، وخلاف ما في " المدونة " من أنه يركع ركعتين قبل أن يوتر إذا كان الأمر قد طال. ووجه هذا القول مراعاة قول من يرى الوتر ثلاثا تباعا بغير سلام. وأما لو كان ذلك بعد الفجر وقد ركع بعد العشاء لأوتر بركعة واحدة على ما في أول رسم "أسلم" من سماع عيسى قولا واحدا؛ لما جاء من أنه لا صلاة بعد الفجر إلا ركعتا الفجر، وبالله التوفيق.
مسألة قال: وسئل فقيل له: إنا نسافر بمصر وهي أرض طين، فربما غشينا المطر في السفر فتصير الأرض طينا، فتحضر الصلاة على ذلك، أفترى أن يصلي أحدنا قائما إيماء برأسه، فإنه إن جلس في الطين فملأ ثيابه، فقال: لا، لا يصلي قائما، ولكن يجلس فيصلي جالسا، ويسجد على الطين على قدر طاقته. فقلت له: على قدر طاقته، فقال لي: نعم على قدر طاقته.
قال محمد بن رشد: هذا قول ابن عبد الحكم من أصحاب مالك؛ إنه