العمل فيه بجزء مما يخرج منه على أن نفقته على نفسه، فقيل - وهو المشهور -: إنها إجارة فاسدة؛ لأن الأجير يعمل فيها على شيء مجهول لا يعلم قدره، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من استأجر أجيرا فليؤاجره بأجر معلوم إلى أجل معلوم» وقيل: إنها إجارة جائزة؛ لأن ما لا يجوز بيعه يجوز الاستئجار عليه بالجزء منه قياسا على المساقاة والقراض؛ لأن الثمرة لما لم يجز بيعها قبل بدو صلاحها، جازت فيها المساقاة، ولأن العين لما لم يجز فيه الكراء جاز فيه القراض، وهو قول ابن القاسم في أصل الأسدية، قال فيها: إن ما ظهر في أرض الصلح من المعادن، إن لهم أن يمنعوها الناس، ولهم أن يأذنوا لهم في عملها، ويكون لهم ما يصالحون الناس عليه من الخمس أو غير ذلك. وكذلك قال في كتاب ابن المواز: إن لهم أن يعاملوا الناس فيها بالثلث والربع، وأنكر محمد معاملتهم فيها بالثلث والربع، ووقف عنه، وبالله التوفيق.
من سماع أبي زيد بن أبي الغمر
من عبد الرحمن بن القاسم
وسئل ابن القاسم عن رجل استأجر حصادين على أن يحصدوا له زرعا، فذهبوا فحصدوا زرعا لغيره، وهو قريب من زرعه. قال: إن كان الخطأ جاء من قِبل الأجراء، فإنه ينظر إلى صاحب ذلك الزرع، فإن كان له عبيد أو أجراء، ويريد أنه لا يحتاج إلى الإجارة في حصاد زرعه، لم يكن عليه شيء وبطل عملهم، وإن كان لا أجراء له ولا عبيد ولا يجد بدا من أن يستأجر على حصاد زرعه كان عليه قيمة ما حصدوا. وإن كان الخطأ جاء