عن مالك أيضا فيمن أسر فيما يجهر فيه أنه يسجد بعد السلام. ووجه هذا أن السجود لما ضعف عنده في ذلك رأى أن يكون بعد السلام لئلا يدخل في نفس صلاته ما ليس منها، وكذلك يقول أشهب فيمن ترك التكبير في الصلاة أو سمع الله لمن حمده: إنه يسجد بعد السلام؛ لأن السجود في ذلك غير لازم، وإن سجد قبل السلام لم تفسد عنده صلاته، بخلاف من سجد عنده قبل السلام لإسقاط القنوت أو التسبيح، وقد كان يحيى بن يحيى يقول: من التزم القنوت في صلاته سجد إذا سها عنه، وأما من جهر فيما يسر فيه من صلاته ناسيا، فلا اختلاف أحفظه في المذهب في أنه يسجد بعد السلام. وقد يقال في الفرق بين الموضعين إن فعل ما تركه سنة أشد من ترك ما فعله سنة؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه، وإذا أمرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم» ، وبالله التوفيق.
مسألة قال: وسئل عن شهود النساء الصلوات إلى المساجد، فقال: ذلك يختلف في المرأة المتجالة والشابة، فالمتجالة تخرج إلى المسجد ولا تكثر التردد، والمرأة الشابة تخرج إلى المسجد المرة بعد المرة، وكذلك هي في الجنائز. وذلك يختلف من العجوز والشابة، وإنما تخرج الشابة في جنائز أهلها وقرابتها.
قال الإمام: أما النساء المتجالات فلا اختلاف في جواز خروجهن إلى المساجد والجنائز والعيدين والاستسقاء وشبه ذلك، وأما النساء الشواب فلا يخرجن إلى الاستسقاء والعيدين ولا إلى المساجد إلا في الفرط، ولا إلى الجنائز إلا في جنائز أهلهن وقرابتهن. هذا الذي يأتي على هذه الرواية وعلى