على أصله في جواز شراء الصبرة على الكيل وما أشبه ذلك، وقال: أرى عليك - يريد على رب الأرض - قدر ذلك الموضع، يريد قيمة عمل ذلك الموضع الذي شقه ذلك الرجل، يريد الذي شقه العامل يغرمه له، ولم ير عليه أن يعمل له بدله، ولو رضي بذلك لما جاز؛ لأنه إنما وجبت له عليه القيمة، فلا يجوز له أن يأخذ منه فيها عملا؛ لأنه فسخ الدين في الدين.

وسكت مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن تمام الحكم في المسألة، وفسره ابن القاسم على ما فهم من مذهبه في إمضاء الإجارة إذا فاتت فقال: يريد أن ينظر إلى قدركم ذلك الموضع من قدر العمل، فيرد منه بقدر ذلك مما أخذ، ومعنى ذلك أن ينظر ما تقع الصفا التي شقها العامل من جملة الخمسة الآلاف ذراع، فيرد من الأجرة التي قبض ذلك الجزء؛ إذ لا فرق بين أن يشق صاحب العين الصفا على ما شرطه على نفسه أو يشقها العامل فيأخذ حقه في شقها.

وإن كان ما وجب للعامل في شقه الصفا من جنس الأجرة التي قبض قاصه بذلك فيما يجب عليه رده منها، فمن كان له منهما في ذلك فضل رجع به على صاحبه. وحمل ابن القاسم وسحنون الإجارة لما وقعت مبهمة على ظاهرها من أنهما أرادا أن يشق رب الأرض ما وجد في الأرض من صفا، ولا يحط عنه بذلك من الإجارة شيء فقالا: إن الإجارة فاسدة، والفساد فيها إذا حملت على هذا الوجه بين، وقد تحتمل المسألة وجوها من التأويل غير هذا قد ذكرته في غير هذا الكتاب، وهذا أولى ما حملت عليه.

وأما ما ذهب إليه ابن لبابة، فهو بعيد على ما قد بينته، وكذلك قوله: إنها جعل لا يصح؛ إذ لو كان جعلا لما أمضاه مالك إذا وقع؛ لأنه جعل فاسد من وجهين: أحدهما أن الجعل لا يكون فيما يملك من الأرضين، وذلك غير جائز على المشهور في المذهب، وقد نص على ذلك ابن المواز قال: لا يكون الجعل في شيء إذا أراد المجعول له ترك العمل بعد أن شرع فيه يبقى من عمله شيء ينتفع به الجاعل، مثل البناء والحفر فيما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015