فلم يوجب فيه سجود السهو إلا أن يكون جلوسه قدر ما يتشهد فيه، وتابعه على ذلك ابن أبي حازم، وقاله ابن كنانة وابن القاسم في " المدنية ". وأما الإمام الذي جلس شاكا غير مجمع على الجلوس إلا لينظر ما يصنع الناس، فبين أنه لا يسجد لما في أصل المسألة من الاختلاف.
مسألة وسئل عن الرجل يتقدم قوما في الصلاة فيقول لهم قبل أن يتقدمهم: أتأذنون؟ فقال: لا أرى بذلك بأسا، فقيل له: وذلك أحب إليك أن يستأذنهم؟ فقال: إن خاف أن يكون منهم من يكرهه أن يؤمهم فليستأذنهم، ربما تقدم المرء القوم ومنهم من يكره ذلك.
قال محمد بن رشد: قوله في استئذان الرجل القوم في إمامتهم: لا أرى بذلك بأسا، يدل على أنه خفف ذلك، فكأنه رأى ترك الاستئذان أحسن إلا أن يخاف أن يكون منهم من يكرهه، وفي ذلك من قوله نظر؛ إذ قد روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يحل لرجل أن يؤم قوما إلا بإذنهم» . ووجه ما ذهب إليه مالك، والله أعلم، أن الرجل إذا كان مع القوم، فحضرت الصلاة وهو أحقهم بالإمامة، وعلم أنهم مقرون له بالتقدم والفضل، رأى سكوتهم على تقدمه بهم إذنا منهم له في ذلك، واستحسن أن لا يفصح باستئذانهم في ذلك؛ لما فيه من إفصاحهم بتقديمه وتفضيله، فيصير متعرضا لثنائهم عليه، إلا أن يخاف أن يكون منهم من يكرهه، فلا يكتفي بسكوتهم حتى يصر حواله بالإذن في ذلك. وأما من قد حصل إماما في مسجد أو في موضع بتقديم أهله إياه، فطرأت عليه جماعة يخشى أن يكون فيها من يكره إمامته، فليس عليه أن يستأذنهم؛ لأن أهل ذلك المسجد أو الموضع أحق بالتقديم منهم، وإن علم أن جماعته أو أكثرها أو ذا النهى والفضل منها كارهون لإمامته وجب عليه أن