فلك كذا وكذا، كان له إجارة مثله أتى به أو لم يأت به، وإن كان لم يسم له شيئا إلا في الإتيان به، كان له جعل مثله إن أتى به، ولم يكن له شيء إن لم يأت به.
وجه القول الأول: أن الجعل لما جوزته السنة صار أصلا في نفسه، فوجب أن يرد فاسده إلى صحيحه قياسا على سائر العقود الجائزة من البيع والإجارة.
ووجه القول الثاني: أن الجعل إجارة بغرر جوزته السنة، ويخصص من أصله إذا وقع على الشروط التي أجازته بها، فإذا لم يقع عليها رجع إلى أصله، فكان إجارة فاسدة، يحكم فيها بحكم الإجارة الفاسدة.
ووجه القول الثالث: أنه إنما هو جعل إذا جعل له الجعل على الإتيان به خاصة، وأما إن جعل له في الوجهين، فليس بجعل، وإن سمياه جعلا، وإنما هو إجارة، فيحكم له بحكم الإجارة الفاسدة، وهذا القول أظهر الأقوال، وإياه اختار ابن حبيب، وحكاه عن مالك، وعن مطرف، وابن الماجشون.
وهذه الثلاثة الأقوال راجعة على الأصل، وجارية على قياس، وأما قول ابن القاسم في هذه الرواية: إن له جعل مثله إذا لم يجده، فليس يرجع إلى أصل، ولا يجري على قياس، وكذلك قوله في المدونة في الذي يقول للرجل: إن جئتني بعبدي الأبق فلك نصفه أنه يكون له إجارة مثله إن أتى به، وإن لم يأت به، فلا جعل له ولا إجارة لا حظ له في القياس والنظر، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل مالك عن الرجل يبعث مع الرجل بالخادم يبلغها إلى موضع، ويجعل له في ذلك جعلا، فينام في بعض الطريق فتهرب فتأبق منه، أترى عليه ضمانا؟ قال: لا ضمان عليه. قيل له: أتكون له أجرة؟ قال: يكون له بحساب ما بلغ.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أنها إجارة، ولذلك أوجب له من أجرته بحساب ما بلغ؛ لأن الجعل في ذلك لا يجوز على ما مضى في أول رسم من السماع، ولو كانت جعلا لم يجب له فيما سار