مثله، هو ينتفع بمنافع غيره عسى أن يكون معه أثواب غيرها يبيعها وينتفع بغير ذلك، وإن هذا لا ينتفع بشيء وهو يشغله عن حوائجه كلها، فلا يصلح إلا بإجارة معلومة باع أو لم يبع إلى أجل معلوم يبيعه في ساعة أو يوم أو يومين، ولم يره مثل الدابة والثوب يقول الرجل للرجل: صح عليه وإن بعته فلك درهم، قال: لا بأس بهذا، قال سحنون جيدة جدا.

قال محمد بن رشد: إنما لم يجز أن يجعل الرجل للرجل الجعل في الصياح على الرقيق، فيمن يزيد على أن له في كل رأس يبيعه درهما لوجهين؛ أحدهما: أن الرقيق الكثير يشتغل بحفظها فتمنعه من حوائجه، ويكون قد كفى صاحبها مئونتها في ذلك، فإن ردها ولم يبعها كان صاحبها قد انتفع بذلك، والجعل لا يجوز فيما يكون للجاعل فيه منفعة قبل تمام العمل الذي يجب به الجعل للمجعول له؛ والثاني أنه لم يسم له ثمنا، ولا فوض ذلك إلى اجتهاده، فهو يصيح عليها في مناداتها، ولا يدري هل يعطى فيها ما يرضى به ربها أم لا، فلذلك قال: إن ذلك لا يجوز إلا على الإجارة في ساعة أو ساعتين، أو يوم أو يومين، باع أو لم يبع، وأجاز أن يعطيه الدابة أو الثوب، فيقول له: صح عليه، فإن بعته فلك درهم، ومعناه إذا سمى له ثمنا أو فوض إليه الاجتهاد في ذلك، ولم يكن على يقين من إمكان بيعه في الحين، وأما إن كان على يقين من وجود الثمن فيه، وبيعه في الحين فلا يجوز في ذلك الجعل؛ لأن الجعل لا يكون إلا في المجهول من الأعمال، أو ما طال منها مما لا منفعة للجاعل فيها إلا بتمامها، وسيأتي هذا من قول ابن القاسم، في سماع محمد بن خالد، وبالله التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015