، وقال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} [المائدة: 77] ، ومما يدل على جوازه من السنة ما ثبت من «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجمه أبو طيبة، فأمر له بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه» . وقد كره النخعي أن يستعمل الصانع حتى يقاطع على عمله بشيء مسمى، وكره ذلك ابن حبيب أيضا، وقال: إنه لا يبلغ به التحريم، والأمر في ذلك واسع إن شاء الله، وبه التوفيق.
ومن كتاب أوله شك في طوافه وسئل مالك عن رجل يهلك ويترك ميراثا فيشارط رجل على بيعه وتقاضيه، ويجعل لي فيه جعل، قال: إني لأكره ذلك، ولعل ثمنه يكثر، وليس تقاضي ما كثر منه مثل تقاضي ما يقل، ولا يعجبني أن يعمل به وكرهه.
قال محمد بن رشد: المكروه في هذه المجاعلة بين، والفساد فيها ظاهر، والمنع منها واجب. وقوله فيها: أكره ذلك، ولا يعجبني أن يعمل به، تجوز منه في العبارة على عادته في قوله، في كثير من مسائله، أكره هذا، ولا أحبه، ولا يعجبني فيما لا يجوز عنده ولا يحل.
والعلة في أن ذلك لا يجوز ما مضى القول فيه في أول رسم من أن الجعل لا يجوز فيما يكون للجاعل فيه منفعة قبل تمام العمل الذي يجب به الجعل للمجعول له؛ لأن المجعول له لا يلزمه التمادي على العمل من أجل أنه لا يدري، هل يتم له