مسألة قال ابن القاسم: وسمعت مالكا قال في رجل بعث رجلا، ليقتضي له دينا على أن له من كل شيء اقتضاه منه نصفه أو ثلثه، قال: لا بأس بذلك على وجه الجعل، ومثل ذلك الرجل يقول للرجل: اخرج في طلب عبيد لي أبقوا، أو إبل لي ضلت، فما جئتني به من عبد أو بعير فلك فيه دينار، وليس يشبه قوله: ما جئتني به من عبد أو بعير فلك نصفه؛ لأن العبد والبعير يزيدان وينقصان، وأن الدنانير لا تزيد ولا تنقص ما اقتضى من دينار فله نصفه أو ثلثه، فهذا باب لا يزول.
قال محمد بن رشد: قوله في الذي بعث رجلا ليقتضي له دينا، على أن له من كل شيء اقتضاه منه نصفه أو ثلثه: إن ذلك لا بأس به على وجه الجعل؛ صحيح لأن المعاملة على اقتضاء الدين بجزء منه إذا لم يسم له عدده لا يجوز إلا على وجه الجعل.
وقوله: اقبض مالي على فلان، ولك من كل شيء تقتضي منه نصفه أو ثلثه محمول على الجعل، وإن لم يصرحا بذلك لا يلزم المجعول له، وإن شرع في التقاضي، وله أن يترك متى شاء، ويلزم الجاعل قيل بالعقد، وقيل بشروع المجعول له في الاقتضاء على ما سيأتي القول فيه في رسم العتق، من سماع عيسى، وأما إذا سمى عدده، فتجوز المعاملة على اقتضائه بجزء منه على وجه الإجارة، بأن يقول: أستأجرك على اقتضاء مائة دينار لي على فلان بنصفها أو بثلثها؛ فتكون إجارة لازمة لهما، ليس لأحدهما أن يرجع عنها بعد العقد، إلا أن يشترط أن يترك متى شاء، فتكون إجارة له فيها الخيار.
وهذا إذا كان قدر العمل في اقتضائها معروفا، وأما إن لم يكن معروفا، فلا تجوز الإجارة في ذلك إلا بضرب الأجل: يقول أستأجرك شهرا على أن تقتضي لي مائة دينار لي على فلان بنصفها، أو بكذا وكذا، فإن مضى الشهر وجب له أجره اقتضى الجميع أو بعضه، أو لم يقتض شيئا، وإن