رفع يديه حذو منكبيه، وكان يقول: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين"، وقال: أكره أن أحمل الجاهل على ذلك فيقول: إنه من فرض الصلاة، وقد مضى القول في رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه في رسم "يتخذ الخرقة لفرجه"، من سماع ابن القاسم.
وأما نهوضه من السجود إلى القيام دون أن يرجع إلى الجلوس في الركعة الأولى والثالثة، فهو معلوم من مذهبه وعليه العلماء، وذهب الشافعي إلى أنه يرجع إلى الجلوس على ما روي عن مالك بن الحويرث أنه قال: «رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا» ، والذي عليه الجمهور هو الصحيح؛ لأن ذلك قد روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واتصل به العمل، فدل على أنه كان آخر الأمرين من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويحتمل أن يكون - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما فعل في صلاته ما حكاه عنه مالك بن الحويرث لعلة كانت به حينئذ؛ لأنه إنما أقام عنده أياما ثم رجع إلى أهله، لا لأن ذلك من سنة الصلاة. والنظر يوجب أيضا أن لا يكون من سننها؛ إذ لو كان من سننها لكان له تكبير كالتكبير عند سائر أركان الصلاة.
وأما تسليمه عن يمينه وعن يساره ثم على الإمام فهو كان الأول من قوليه، فقد قال ابن القاسم في " المدونة ": إنه كان يأخذ بذلك ثم تركه، وقد مضى هذا المعنى في آخر رسم "شك في طوافه" من سماع ابن القاسم مستوفى، وأما قوله: يقول السلام عليكم، فهو مثل قوله في " المدونة ": إنه لا يجزئ من السلام من الصلاة إلا السلام عليكم، ووقع هاهنا في بعض الروايات يقول: سلام عليكم سلام عليكم، بغير الألف واللام، وذلك خلاف لما في " المدونة ". وهذا الخلاف إنما هو في السلام الذي يتحلل به من