لأنه كان أمينا.
وإن قال: لم أكن اخترت شيئا؛ فإنه يتهم ولا يقبل قوله، فأرى أن يغرم نصف الثوب الذاهب؛ لأنه لو ذهب الثوبان جميعا، وادعى أنه لم يختر؛ لم يصدق، وكان ضامنا لنصف كل ثوب؛ لأنه كان أمينا في نصف كل ثوب؛ فكل من اشترى على أن يستشير، أو على أنه بالخيار، فغاب عليه، فذهب فهو ضامن، قلت: فلو كان أخذ ثوبين بيعا حراما أحدهما بدينار، والآخر بدينارين، قد وجب عليه أحدهما، فضاع أحد الثوبين، قال: العمل فيهما أيضا كذلك؛ لأن كل من اشترى بيعا حراما فهو ضامن له حتى يرده، إنما يضمن في ذلك أيضا واحدا.
قال محمد بن رشد: مذهب ابن القاسم فيمن أخذ ثوبين على أن يختار أحدهما، قد وجب عليه بثمن سماه، ويرد الآخر أنه ضامن لأحدهما بالثمن الذي سماه إن تلفا جميعا قبل أن يختار أحدهما، وضامن لنصف التالف منهما إن تلف أحدهما قبل أن يختار أيضا، وسواء قامت بينة على ما تلف، أو لم تقم هو مصدق في ذلك؛ لأنه أخذ واحدا منهما على الشراء، والآخر على الأمانة، إلا أن يقر على نفسه أنه كان اختار الذي تلف، وإن أشهد أنه قد اختار أحدهما ثم تلف الآخر بعد ذلك، فلا ضمان عليه فيه.
وقول ابن القاسم في هذه الرواية: إنه مصدق مع يمينه؛ على أنه قد كان اختار هذا الثاني قبل تلف الآخر، هو مثل قوله وروايته عن مالك في الرجل يملك امرأته أمرها؛ فتقول: قضيت فيما ملكتني، ويناكرها ذلك: إن القول قولها خلاف قول أشهب، وقد ذكر في المدونة أنها نزلت فاختلف فيها أهل المدينة، ومن هذا المعنى هو تصديق المأمور فيما أمره به الآمر من إخلاء ذمته، أو تعمير ذمة الآمر، فذهب أشهب إلى أن المأمور لا يصدق في ذلك، وجوابه في مسألة المرأة تدعي أنها قضت فيما ملكت فيه على أصله.
واختلف قول ابن القاسم في ذلك، فجوابه في مسألة المرأة المملكة؛ تدعي