أجل. قلت له: أرأيت إن كان المتولي قد رأى الطعام الغائب كما رآه المشتري المولي أو وصف له كما وصف للمشتري، أذلك عندك في الكراهة مثل الذي لم يره ولم يوصف له إلا أنه يتولاه من المشتري على معرفة المشتري به؟ قال: ذلك عندنا سواء، لا تجوز التولية من الطعام الغائب.

قال محمد بن رشد: إنما لم تجز التولية في الطعام الغائب المشترى في الصفة لاختلاف الذمم؛ لأن المشتري لم ينقد؛ إذ لا يجوز له النقد لغيبة الطعام؛ لأن معنى قوله غيبة قريبة مما [لا] يجوز النقد فيه.

وكذلك ذكر ابن حبيب في الواضحة أنه لا يجوز التولية إذا كانت غيبة بعيدة لا يصلح فيها النقد، أو يكون إنما تكلم في هذه الرواية على أن النقد لا يجوز في الغائب وإن قربت غيبته، وهذا التأويل أشبه بظاهر الكتاب، ثم لما ولاه رجلا لم ينتقد الثمن، والاختلاف الذي في مسألة من اشترى طعاما بثمن إلى أجل فولاه رجلا قبل استيفائه داخل في هذه المسألة، والله أعلم، وقد وقع في التفسير الأول.

[مسألة: تولية الطعام الغائب الذي اشتري بعينه]

مسألة قال: وسألت ابن القاسم عما كره مالك من تولية الطعام الغائب الذي اشتري بعينه لم كرهه؟ فقال: لأن الدين بالدين يدخله، ألا ترى أنه قد وجب للمشتري وصار أحق به من البائع إن سلم، فهو بمنزلة دين له قد وجب، فإذا ولاه رجلا لم يجز النقد فيه؛ لأنه غائب بعينه، واشتراء الغائب لا يصلح فيه النقد، فإذا صار يبيع غائبا قد وجب له بثمن لا يتعجل قبضه فقد صار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015