ويأخذ المشتري الثمن كله، ولست أرى هذا القول ولا قول ابن كنانة، ولا أرى عتقه إلا قطعا لعهدة السنة، ولا أرى أن يرجع عليه بشيء، ولو كنت أقول أحد القولين لقلت برد عتقه ويأخذ جميع الثمن، ولكني لست أرى ذلك، وأرى عتقه قطعا لعهدة السنة.
قال محمد بن رشد: معنى قول مالك الذي حكاه عنه ابن القاسم من أن العتق يرد ويأخذ المشتري الثمن كله إنما هو إذا لم يكن للعبد مجنونا أو مجذوما ثمن أصلا، وأما إذا كان له ثمن فيرجع على البائع بما بين القيمتين من الثمن ويمضي العتق كما قال ابن كنانة، وإنما يخالف مالك لابن كنانة إذا لم يكن له ثمن أصلا، وإنما وقع الإشكال في قول مالك لوقوعه إثر قول ابن كنانة قبل كماله، وكان من حقه أن يقع إثره بعد كماله على ما وقع أولا متصلا بقوله فجميع ميراثه له.
فالذي يتحصل في هذه المسألة ثلاثة أقوال؛ أحدها: أن عتقه العبد وإيلاده الجارية قطع لعهدة الثلاث ولعهدة السنة ولا يرجع على البائع بشيء وهو قول ابن القاسم في رواية أصبغ عنه.
والثاني: أن عتقه العبد وإيلاده الجارية لا يكون قطعا لعهدة الثلاث ولا لعهدة السنة ويرجع على البائع بقيمة العيب، وهو قول أصبغ وسحنون ههنا، إلا أن يكون لا ثمن له أصلا، فقال ابن كنانة: يرجع المبتاع على البائع بجميع الثمن ويمضي فيه العتق، فإن مات العبد المعتق عن مال أخذ البائع منه الثمن الذي دفع إلى المبتاع وكانت بقيته للمبتاع، وقال مالك: يرد العتق ويأخذ المشتري الثمن كله.
والثالث: أن عتقه العبد وإيلاده الجارية في عهدة الثلاث قطع لعهدة الثلاث ولا رجوع له على البائع بما أصابه فيما بعد العتق، وأن ذلك لا يكون قطعا لعهدة السنة، ويرجع على البائع بما أصابه في السنة بعد العتق من الجنون والجذام والبرص، يقوم صحيحا أو مجنونا أو مجذوما أو مبروصا فيرجع