مسألة وقيل لمالك: قلت في هؤلاء النصارى الذين يبنون في مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لو أنهم أمروا أن لا يدخلوا المسجد إلا من الباب الذي يلي موضع عملهم، ولا يخترقون المسجد، ولا يدخلون منه ما لا عمل لهم فيه، فقال له مالك: نعما، قلت: ولو أنهم حيزوا من عمله إلى موضع واحد، ثم دخلوا مما يليه لنعما. قلت: وإنه لينبغي أن ينظر في قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كيف يكشفون سقفه، فقيل له: يجعل عليه خيش، فقال: وما يعجبني الخيش وإنه لينبغي أن ينظر في أمره.
قال محمد بن رشد: لم ينكر مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - بنيان النصارى في مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واستحث أن يحازوا إلى موضع منه وأن يدخلوا مما يليه ولا يخترقوا ما لا عمل لهم فيه، وإنما خفف ذلك ووسع فيه وإن كان مذهبه أن يمنعوا من دخول المساجد؛ لقول الله -عز وجل-: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] ، الآية، وقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا أحل المسجد لحائض ولا جنب» وهم أنجاس لا يتطهرون، مراعاة لاختلاف أهل العلم في ذلك، إذ منهم من أباح أن يدخلوا جميع المساجد إلا المسجد الحرام؛ لقول الله -عز وجل-: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] ، ولما جاء في الصحيح من «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث خيلا قبل نجد، فأسروا ثمامة بن أثال، فربطه بسارية من سواري المسجد» ومنهم من أباح أن يدخلوا جميع