قال محمد بن رشد: أما بيع البراءة فلا اختلاف أعلمه في أن الأيمان فيها إنما تكون على العلم سواء كانت العيوب مما تخفى أو مما لا تخفى، وإنما اختلف في بيع الإسلام وعهدته حسبما مضى القول فيه في أول سماع ابن القاسم، وقد مضى تحصيل القول في هذه المسألة في رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب لمن أحب الوقوف عليه، وأما إذا كان العيب ظاهرا لا يشك أن البائع قد علمه وباع بالبراءة فلم يقع في ذلك في الرواية جواب، والجواب في ذلك: أن البراءة لا تنفعه في ذلك، كذلك روى زياد عن مالك، قال: ومن باع عبدا بالبراءة فوجده المشتري مقعدا أو قد ذهب يده أو رجله أو عينه أو وجده أعمى ونحو هذه العيوب التي يرى أن صاحبه قد علمها وكتمه لم تنفعه البراءة وكان بيعا مردودا، ومثله في كتاب أصبغ عن ابن القاسم، ومعنى هذا إذا كان غائبا فباعه على الصفة، وأما إذا كان حاضرا فرآه المشتري عند الشراء فليس شيء من هذا بعيب؛ لأنها ظاهرة ترى على ما قال في المدونة [وبالله التوفيق] .
من سماع سحنون وسؤاله ابن القاسم قال سحنون: وسألت ابن القاسم: عن العبد يجرح موضحة فيبين سيده قبل أن يبرأ أو يحكم له بأرشها، قال: هذا بيع فاسد إلا أن يكون قد باعه وقد برأ الجاني من الجرح، وأما إن لم يبرئه فمات العبد في يد المشتري أيرجع بالقيمة فهذا غرر لا يدري العبد اشترى أو ما يأخذ من القيمة؟ وإن كان البائع برأ الجاني لم أر به بأسا؛ لأنه قد باعه عبدا به عيب، فإن مات فهي مصيبة، وإن بقي فهو عبده، قلت له: فلو أراد سيده البائع قبل أن يبيعه أن يتعجل أرش الموضحة أكان ذلك له؟ قال: لا.
قال سحنون: