قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الجارية التي يوطأ مثلها محمولة على أنها قد وطئت فليس له أن يردها إذا وجدها مفتضة، والتي لا يوطأ مثلها محمولة على أنها لم توطأ، وليس ذلك كالشرط فيها، فإذا وجدها مفتضة كان له أن يرد الرفيعة بذلك؛ لأن الافتضاض ينقص من قيمتها، ولم يكن له أن يرد الوخش بذلك؛ إذ لا ينقص الافتضاض من قيمتها إلا أن يشتريها على أنها غير مفتضة بشرط، وذلك قائم من قوله في المدونة: إنه إذا اشترى الجارية البكر فافتضها فليس له أن يبيعها مرابحة يبين إلا أن تكون من الوخش اللواتي لا ينقصهن الافتضاض شيئا فليس عليه أن يبين، وبالله التوفيق.
ومن كتاب أخذ يشرب خمرا قال: وسئل مالك: عن عبد ابتاعه رجل فخرج بائعه إلى مكة، ووجد المشتري بالعبد عيبا توقيفا في يده فأتى به السلطان فأشهد عليه، ثم إن الرجل قدم من مكة والعبد مريض، أترى أن يرده؟ قال: نعم، أرى أن يرده إلا أن يكون مرضا مخوفا.
قال عيسى بن دينار: قال لي ابن القاسم: فإن كان مرضا مخوفا استؤني به ما لم يدخل في ذلك ضرر، فإن كان برؤه قريبا رده، وإن كان مرضا يتطاول به أو هلك رد إليه قدر قيمة العيب.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم في رواية عيسى عنه في المرض المخوف إنه يستاني به يريد إن رجي برؤه إلى مدة قريبة لا يكون في الاستيناء إليه ضرر، تفسير لقول مالك فإن برئ بالقرب رد، وهو معنى قوله: وإن كان برؤه قريبا رده، وإن لم يبرأ بالقرب وتطاول أمره أو هلك رد إليه قيمة العيب، [ولو كان مرضه مرضا لا يرجى برؤه منه إلى مدة قريبة لم