متاعه فخلص ببدنه، ولا يعلم ذلك إلا بقوله، فهذه المسألة جوابه فيها أنه مصدق مع يمينه أنه خلفها ببعض الطريق كما ذكر من عجزه أو خوف عند مستودع اختيارا منه وحرزا عنده واجتهادا مع شية أو غير شية ولا شيء عليه. فأما تصديقه أنه خاف عليها فاستودعها في الطريق نظرا لصاحبها فصواب لا اعتراض فيه، واليمين في ذلك إذا لم يكذبه صاحبه يمين تهمة يجري الأمر فيها على الاختلاف المعلوم في لحوقها من غير تحقيق الدعوى. وأما تصديقه أنه تركها في الطريق لعجزه عن حملها أو إسقاطه عنه الضمان بذلك فهو مثل قول ابن القاسم في رسم شك في طوافة من سماع ابن القاسم في الذي يبضع معه البضاعة إلى بلد آخر فلا يجد لها محملا معه فيعطيها لبعض من يثق به معه أنه لا ضمان عليه، وفيه نظر لأنه شبهه بالحاضر يستودع الوديعة فيستودعها غيره من خراب منزل أو عورة بيت أو ليس عنده من يحفظ منزله أنه لا ضمان عليه، وهي لمسألة المسافر أشبه؛ لأنه إذا دفعها إليه في السفر إنما دفعها إليه لتكون عنده ولا يستودعها غيره. فالذي يأتي فيها على مذهب مالك قياسا على قوله في المدونة في المسافر إنه ضامن للبضاعة إذا دفعها إلى غيره ليحملها وإن لم يجد هو لها محملا. ولهذا الذي ذكرناه لم ير سحنون قول ابن القاسم حسنا على ما قاله في الرسم المذكور. وكذلك يأتي على مذهبه في هذه المسألة أنه إن كان أخذها ليحملها فعجز عن حملها واستودعها في الطريق فتلفت له أنه ضامن لها.
وأما المسألة الثانية وهي أن يأمره أن يبيع البضاعة بالطريق بثمن سماه ويبلغ بالثمن إلى أهله فلم يجد الثمن الذي سماه له في ذلك الموضع، فجوابه فيها أنه لا شيء عليه إذا تركها في ذلك الموضع عن عجز أو عن أمر من صاحبها ألا يجاوز بها ذلك المكان، يريد بعد يمينه أنه لم يجد بها في ذلك الموضع ذلك الثمن الذي سماه له، فإن لم يأمره صاحبها ألا يجاوز بها ذلك المكان فتركها فيه وهو غير عاجز عن حملها فتلفت ضمنها، فسواء قال له إن لم تستبع فاحملها أو سكت عن ذلك هو ضامن لها إن تركها في ذلك الموضع وهو قادر على حملها، إلا أن يخاف عليها