الدراهم بصرف ما تباع به من الدنانير إلا استحسانا من أجل أن الدنانير والدراهم عين، والقياس عنده ألا يجوز ذلك إذا كان البلد لا تباع السلع فيه إلا بالدنانير أو كانت السلعة لا يباع مثلها إلا بالدنانير. وقد رأيت لابن دحون أنه قال في هذه المسألة معناها إذا كان ببلد تباع فيه السلع بالدراهم، فأما إن كان البلد لا تباع فيه السلع بالدراهم فلا يجوز ذلك على الآمر. وليس قوله عندي بصحيح؛ لأن الكلام وموضع السؤال إنما هو إذا كان البلد لا تباع السلع فيه بالدراهم أو كانت السلع لا تباع مثلها إلا بالدنانير، فأجاز ذلك أشهب لوجهين: أحدهما أن الدنانير والدراهم عين، والعين هو الثمن، فإذا باع سلعته بما تباع به من العين لم يكن عليه ضمان، والثاني أن صرف الدراهم ليس مما يغبن فيه، وقد كان يقول مالك إنه إذا باع الرجل سلعة الرجل بما يشبه الذهب والورق من العرض التي لا يعنى في بيعها نفذ البيع ولم يرد. وقد قال إنه إذا كان الذي باع به مما يعنى في بيعه فعلى المتعدي بيعه، ثم رجع مالك بعد ذلك فقال إنه لا ينفذ بيعه إذا باع بغير الذهب والورق. وقع هذا الاختلاف في رسم العتق من سماع عيسى من كتاب جامع البيوع في بعض الروايات. وأما إذا كانت البلد تباع فيه السلع بالدراهم فلم يتعد المأمور إذا باع بالدراهم.
ويتخرج على ما ذكرناه في بيع السلعة بالدراهم في البلد الذي لا تباع فيه إلا بالدنانير ثلاثة أقوال: أحدها أن ذلك لا يلزم رب السلعة ويأخذ سلعته إن لم يرد أن يجيز البيع إلا أن يفوت فيكون له على المتعدي قيمتها من الدنانير؛ والثاني أن البيع يلزمه وينفذ عليه ويكون من حقه على المتعدي أن يصرف له الدراهم بدنانير، والثالث أن البيع يلزمه وينفذ عليه ولا يكون له فيه كلام؛ لأن الدراهم عين كالدنانير، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل أشهب عن الرجل يأمر الرجل يشتري له سلعة فلان بخمسة عشر فيشتريها بستة عشر ويقول أبى البائع أن يبيع بخمسة