ومن كتاب العشور وسألته عن رجل أمر رجلا أن يبتاع له جارية فاشتراها وأتاه بها فجحد أن يكون أمره بها، فقال لا يطؤها هذا المأمور ولكن يبيعها، فإن كان فيها فضل رده إليه، إلا أن يخرجها إلى السوق فينظر ما يعطى فيها ويستقصي فيها ذلك ثم يأخذها لنفسه ويعطيه الفضل ويطؤها. قال أرجو أن يكون ذلك خفيفا. قلت: فإن لم يرد بيعها وأراد حبسها؟ فقال: ما أرى ذلك إلا أن تكون ليس فيها فضل إن بيعت ولا زيادة يعلم ذلك ويستيقنه. قلت: ولا يرى جحوده إياه إسلاما أسلمها إليه؟ قال: لا إنما دفع عن نفسه شيئا لا يدري كيف يكون عليه أفيه فضل أم لا، أو قال شيئا خافه. أرأيت لو أعتقها وجحد أن يكون أمره قلت تكون حرة وإنما هو رجل جحده حينئذ الثمن، فهذا مثله.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال إنه إذا جحد أن يكون أمره باشترائها فلا يجوز له أن يطأها حتى يعلم أنه راض بتركها له فيما له عليه من ثمنها، إذ لا يسقط حقه فيها بجحوده، بدليل أنه لو رجع إلى قوله وكذب نفسه فيما جحد وأقر بما ادعاه من أنه أمره بشرائها لكان له أن يأخذها، ولو أعتقها لجاز عتقه فيها. فاستدلال ابن القاسم بالعتق في هذه المسألة استدلال ظاهر.
وفي قوله إنه يخرجها إلى السوق وينظر ما يعطى فيها ويستقصي ذلك ثم يأخذها لنفسه ويعطيه الفضل نظر؛ لأنه إذا فعل ذلك يكون هو الحاكم لنفسه يأخذ جاريته فيما له عليه مما جحده إياه من ثمنها، وذلك لا يلزمه لو أقر بما قال بعد أن فعل ذلك وأراد أخذ الجارية لكان ذلك له، فلذلك لم يقل إنه يجوز له أن يطأها إذا فعل ذلك، وإنما قال أرجو أن يكون خفيفا. وإجازة أخذ الجارية له بما يعطى فيها ينحو إلى قول من يرى أن للرجل إذا جحد الرجل حقا له عليه فظفر له بمال أن يأخذه لنفسه ويقطعه من تحت