أن كل واحد منهما إنما وكله على أن يبذل له مجهوده في المكايسة وأن يفعل له في ذلك ما يفعل لنفسه، فإذا صرف لهذا من هذا فقد توخى السداد في ذلك وترك المكايسة التي أرادها كل واحد منهما منه فصار هذا معنى يشبه أن يكون لكل واحد منهما الخيار في فعله، كما إذا صرف لأحدهما من نفسه، ويحتمل أن يفرق بين المسألتين؛ لأن الخيار إذا صرف لأحدهما من نفسه لا اختلاف فيه. فيتحصل في ذلك ثلاثة أقوال: الجواز في المسألتين جميعا، وعدمه فيهما جميعا، والفرق بينهما، وقد ذكر ابن دحون في وجه عدم الجواز في ذلك علة لا تصح قد تكلمنا على إفسادها في سماع أبي زيد من كتاب الصرف، وبالله التوفيق.
ومن كتاب أسلم
وله بنون صغار وسئل عن امرأة وكلت وكيلا يطلب خصومة لها في قرية وأشهدت له إني قد فوضت إليه، وأمره جائز فيما يصنع ولم يذكر في وكالتها أو تفويضها لا بيع ولا غير ذلك إلا ما ذكرت لك من التفويض وأمره جائز فيما صنع، فباع الوكيل القرية بعد أن صالح فيها وصارت للمرأة فباعها ولم يستأمرها وهي معه في مدينة أو بينهما أميال، هل يمضي البيع عليها وهي تقول لم آمره بالبيع، وإنما فوضت إليه أمر الخصومة والصلح؟ هل يقبل قولها إنني لم آمره بالبيع؟ أم هل يختلف هذا إذا وكل الرجل وكيلا له على مال له بالمشرق وكتب كتابا أنني قد فوضت إليه الأمر وأمره جائز فيما صنع أو قطع بالخصومة إن كانت فظفر الوكيل وباع ما ظفر به وبينه وبين من وكله مسيرة شهر هل يجوز بيعه إذا أنكر ذلك الذي وكله إذ لم يأمره بالبيع؟ قال ابن القاسم: لا أرى أن يجوز