عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن ثمن الكلب وإن كان ضاريا» ، وإجازة ابن القاسم في هذه الرواية شراء الكلب دون بيعه هو نحو قول أشهب في المدونة في الزبل: المشتري أعذر في شرائه من البائع؛ لأن الحاجة قد تدعوه إلى شراء الكلب للصيد وشبهه مما جوز له اتخاذه له، وكذلك الزبل إذا لم يجد من يعطيه ذلك دون ثمن، ولا حاجة لأحد إلى بيع ذلك لأنه إذا لم يحتج إليه تركه لمن يحتاج إليه. وقول سحنون في إجازة الكلب المأذون في اتخاذه هو قول ابن نافع وابن كنانة وأكثر أهل العلم، وهو الصحيح في النظر؛ لأنه إذا جاز الانتفاع به وجب أن يجوز بيعه وإن لم يحل أكله كالحمار الأهلي الذي لا يجوز أكله ويجوز بيعه لما جاز الانتفاع به، ومن الدليل على ذلك أيضا قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من اقتنى كلبا لا يغني عنه ضرعا ولا زرعا نقص من عمله كل يوم قيراط» ، والاقتناء لا يكون إلا بالاشتراء، وقد قيل في معنى ما «روى ابن عمر عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من نهيه عن ثمن الكلب وإن كان ضاريا» إن المعنى في ذلك حين كان الحكم في الكلاب أن تقتل كلها ولا يحل لأحد إمساك شيء منها على ما روي «عن أبي رافع قال: أمرني النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقتل الكلاب فخرجت لأقتلها، لا أرى كلبا إلا قتلته حتى أتيت موضع كذا وسماه فإذا فيه كلب يدور ويلهث، فذهبت أقتله، فناداني إنسان من جوف البيت يا عبد الله، ما تريد أن تصنع؟ فقلت: أريد أن أقتل هذا الكلب، قالت: إنني امرأة بدار مضيعة، وإن هذا الكلب يطرد عني السباع، ويؤذنني بالجائي، فأت النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فاذكر له ذلك فأتيت النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فذكرت ذلك له فأمرني بقتله» ، ثم جاء عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه أمر بقتل الكلاب إلا كلب صيد أو كلب ماشية، وأنه قال: «من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد ولا ماشية ولا أرض فإنه ينقص من أجره قيرطان في كل يوم» ، فنسخ بذلك أمره الأول بقتل الكلاب عموما. وأما الكلب الذي