قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أنه باع الجارية منه على أن الجنين حر على المشتري، فهو بيع فاسد؛ لأن اشتراط عتق الجنين على المشتري غرر ويفوت بنفس البيع لوجوب العتق في الجنين على المشتري بذلك، ولذلك قال: إن البيع يمضي إذا وقع ويصحح بالقيمة، والقيمة إنما تصح أن يكون يوم البيع لأنه حينئذ فات، ففي قوله يوم قبضها نظر، ومعناه إذا كان البيع والقبض في يوم واحد، ولو باعها منه على أن جنينها حر قد أعتقه البائع لوجب على مذهب ابن القاسم أن ترد الجارية ويفسخ البيع فيها ما لم تفت بما يفوت به البيع الفاسد فيكون على المبتاع قيمتها يوم قبضها على أن ولدها مستثنى لو كان يحل بيعها على ذلك، وذهب ابن حبيب إلى أنها لا تفوت بحوالة الأسواق ولا بالولادة وترد ما لم تفت بالموت أو العيوب المفسدة فيكون على المبتاع قيمتها يوم قبضها ظرفا فارغا على أن الولد مستثنى لو كان يحل بيعها على ذلك. قال: ولو أن المشتري أعتقها قبل أن تضع عتقت وكان ولاؤها وولاء جنينها للبائع ولزمته قيمتها يوم قبضها على أن الولد مستثنى. قال: وكذلك لو وهبها لزمته قيمتها يوم قبضها على أن الولد مستثنى ويكون الولد حرا إذا وضعته.
مسألة قال: ومن باع زرعا قبل أن يبدو صلاحه ثم حصده وحمله إلى منزله فأصابته نار فاحترق وعلم أنه ذلك القمح بعينه، قال: يكون من البائع.
قال محمد بن رشد: هذا خلاف المعلوم في المذهب من أن البيع الفاسد يضمنه المبتاع بالقبض وتكون مصيبته منه إن تلف، ونحوه في رسم يشتري الدور والمزارع من سماع يحيى من كتاب الجعل والآجال، ووجهه أنه لما كان بيعا لا يجوز لم ينعقد ولا انتقل به ملك وبقي في ملك البائع، فوجب أن يكون ضمانه منه إن قامت على تلفه بينة، وهو قول جماعة من أهل العلم في غير المذهب، والله أعلم.