تلوناه من الآية. وأما المجوس، فلا تنافس بينهم وبين أهل الكتاب؛ إذ ليسوا بأهل كتاب، وإن كان قد قيل فيهم أهل كتاب، فليس ذلك بمعروف، وعلى قول سحنون لا يجوز ذلك؛ فيتحصل في جملة المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يجوز أن يباع جميع أهل الملل الذين لا يجبرون على الإسلام بعضهم من بعض، وهو قول بعض أصحاب مالك، وهو قول مالك أيضا على ما ذكرناه من ظاهر قوله في رواية ابن نافع عنه، ومن قياس قوله في رواية ابن القاسم عنه.
والثاني: أنه لا يجوز بيع بعضهم من بعض بحال، وهو الذي يأتي على تعليل سحنون.
والثالث: أنه لا يجوز بيع اليهودي من النصراني، ولا النصراني من اليهودي؛ ويجوز أن يباع المجوسي من الكتابي، والكتابي من المجوسي، وهو الذي (يأتي) على تعليل ابن وهب، ومن قول ابن القاسم في المدونة وغيرها أنه لا يجوز أن يباع المجوسي من الكتابي، فإن كان من مذهبه أنه يجبر على الإسلام، فلا إشكال في قوله؛ لأنه صحيح على أصله؛ وإن كان من مذهبه أنه لا يجبر على الإسلام، فقوله مثل قول سحنون؛ وهذا الاختلاف إنما هو في المسبي من المجوس، هذا الذي قيل فيه: إنه يجبر على الإسلام، من أجل أنه لا بصيرة له في دينه، إذ لا يفقه لجهله.
وقد قيل فيه لهذه العلة: إنه مسلم بملك المسلمين له كالصغير، وعلى هذا يأتي على ما وقع في كتاب النذور من المدونة أنه يجوز في الرقاب الواجبة؛ وأما المجوسي الذي ثبت على مجوسيته بين ظهراني المسلمين، فلا اختلاف في أنه لا يجبر على الإسلام.
وقد حكى عن سحنون أنه قال: اجتمع أصحابنا على أنه لا يباع من يهودي ولا نصراني، وليس ذلك بصحيح؛ لأنه يجوز أن يباع منه على القول بأنه يجوز أن يباع اليهودي من النصراني، والنصراني من اليهودي؛ لأن المجوسي الثابت على مجوسيته لا يكون في هذا أحسن حالا من اليهودي والنصراني؛ فإن بيع اليهودي أو المجوسي من النصراني على