يدفع إليه البائع صرف الثلث ويأخذ منه دينارا صحيحا؛ فإن لم يتفقا على شيء من ذلك، لم يكن له عليه إلا ثلثا دينار يحكم عليه فيه بصرفه دراهم، إذ لا ينقسم الدينار القائم؛ واختلف إذ باع منه سلعته بثلثي دينار نقدا، أو قال: بدينار إلا ثلث، على أن يدفع إليه صرف الثلث ويأخذ الدينار صحيحا؛ فمرة قال: لا خير فيه؛ لأنه قد باع سلعته ودراهم غير معلومة بدينار، إذ لم يسميا ما يعطيه في الثلث من الدراهم؛ ومرة قال: لا بأس بذلك إذا كان ذلك نقدا؛ لأن الصرف في الحال لا يخفى، فكأنهما قد دخلا على دراهم معلومة في الثلث، فجاز ذلك، والله الموفق.
ومن كتاب أوله حبل حبلة وسئل: عن رجل اشترى طعاما بعينه غائبا وتواضعا الثمن على يدي رجل فهلك الثمن ممن يكون؟ قال: إن وجد الطعام على الصفة، فهو من البائع؛ وإلا فهو من المبتاع؛ قلت: فلو تعدى بائع الطعام على الطعام فباعه من آخر، قال: يكون عليه أن يشتري له طعاما مثله، وتكون مصيبة المال منه.
قال محمد بن رشد: قوله: وسئل: عن رجل اشترى طعاما بعينه غائبا، معناه: بعينه غائبا على الصفة والكيل؛ مثال ذلك: أن يقول البائع: لي في بلد كذا وكذا طعام صفته كذا وكذا، وكيله كذا وكذا؛ فيقول المبتاع: أنا أشتريه منك بكذا وكذا، أو يقول: لي في بلد كذا وكذا طعام صفته كذا وكذا، فيقول المبتاع: أنا أشتري منك منه كذا وكذا إردبا بكذا وكذا؛ وهذا مثل ما في المدونة من قوله، وقد كان المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يبيع وهو بالمدينة ثماره كيلا التي بالصفراء وبخيبر، فلم ير