عنده الطعام كان ضامنا، فالطعام لم يقع في ضمان صاحب السلم بعد، فلا خير فيه؛ ولقد قال مالك إذا كان يسيرا فلا بأس به، ولكني لا أرى أن يجوز ذلك في القليل ولا في الكثير.
قال محمد بن رشد: إنما لم يجز لمن سلم في طعام فأسلفه رجلا أن يبيعه من الذي أسلفه إياه بعد أن تقاضاه؛ لأنه لا يدخل في ضمانه بقبض المستسلف إياه؛ فإذا باعه منه أو من غيره، فقد ربح فيه قبل أن يضمنه؛ وهذا هو المعنى في النهي عن بيع الطعام المشترى قبل الاستيفاء، وقد مضى المعنى في أول سماع أشهب؛ والقياس ألا يجوز ذلك في القليل ولا في الكثير؛ كما قال ابن القاسم، وما كان قال مالك من إجازته في اليسير، إنما هو استحسان؛ لأنه عدل عن اتباع مقتضى القياس وطرد العلة في القليل والكثير، إذ قد انتقل الطعام من البيع إلى القرض وبيع القرض من الطعام قبل أن يستوفى جائز، وأما بيعه من الوكيل بعد أن يقبضه فلا إشكال في جوازه؛ لأنه قد حصل في ضمانه بقبض الوكيل إياه؛ وهذا إذا تحقق أن الوكيل قد قبضه، وأما إن أتاه فقال له قد قبضته فبعه مني، فقد قال مالك في رسم أشهب من كتاب البضائع والوكالات لا أحب ذلك ولا يعجبني؛ ولو كان الوكيل هو الذي اشتراه له بدنانير أعطاه إياه، لما جاز له أن يبيعه منه، وإن كان قد قبضه بأكثر من الدنانير التي أعطاه، ولا بدراهم إن كان أعطاه دنانير.
ومن كتاب أوله أسلم دينارا في ثوب إلى أجل قال: وقال مالك إذا باع رجل طعاما بثمن نقدا أو إلى أجل،