قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة من أن النقد في الغائب لا يجوز، كان الذي اشترى به عينا أو عرضا. وقوله إن ذلك لا يصلح، وإن كان اشتراه على كذا، وإن اشترط كذا - معناه: أن ذلك لا يصلح؛ لأنه إن اشتراه على كذا فهو غرر؛ وإن اشتراه على كذا فهو غرر. يقول: إن شراء الميراث الغائب فيه العين والعرض بعرض نقدا، لا يخلو من أحد هذين الوجهين، وكلاهما فاسد فلا يجوز؛ ولو اشتراه على أن يمسك العرض عنده ولا ينقده حتى يدري هل يجد الميراث على ما اشتراه عليه من الصفة لم يجز أيضا؛ لأنه إن مضى إلى موضع الميراث فوجده على ما اشتراه عليه لم يجز له أن يقبضه؛ لأنه يصير المشتري للميراث قد باع العرض الغائب الذي كان ثمنا للميراث بالميراث فانتقده فيصير نقدا في غائب.

والوجه الذي يجوز في ذلك: أن يتواضع العرض بيد أمين ويخرج إلى الميراث، فإن وجده على ما اشتراه، صح له قبضه على ما يأتي في رسم الجواب من سماع عيسى، وفي سماع أصبغ من جامع البيوع؛ وكذلك القول في كل غائب لا يجوز فيه النقد ويشترى بعرض. وأما إذا اشترى الغائب الذي لا يجوز فيه النقد بعين، فهو جائز إذا لم ينقده، ولو كان الميراث الغائب المشترى عينا موضوعا دون غيره، لجاز أن يشتريه بعرض على أن ينقده إذا اشترط أنه ضامن للعين الغائب؛ وقد قيل: إنه إذا اشتراه بعرض ونقده، كان البائع للعين الغائب ضامنا له وإن لم يشترط عليه الضمان؛ والقولان في الرواحل والدواب من المدونة، والقول بأنه ضامن وإن لم يشترط عليه الضمان على قياس القول بأن العين لا يتعين، والقول بجواز اشتراط ضمانه استحسان؛ لأن القياس فيه على القول بأن العين يتعين ألا يجوز اشتراط ضمانه كالعروض التي تتعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015