جميعا اليوم يخلصون الذهب كذلك ولا يغشونها لم أر بذلك بأسا، وإنما جاز يومئذ لأنها سكة واحدة والتجار كثير والأسواق متفاوتة فلو جلس حتى يضرب له ذهبه، ثم جلس هذا الآخر أيضا حتى يضرب له ذهب فاتت الأسواق وطال الأمر وحبس الناس فلا أرى بذلك بأسا إذا كان هكذا فأما اليوم فلا يخلص الذهب ويغش فيعطيكها مغشوشة، وقد صار لكل مكان سكة يضرب فيها الدنانير فلا أرى ذلك يصلح ولا أرى بأسا أن تأتيه بدنانيرك بعينها فيضربها لك وتعطيه عليها جعلا، وهو إذا ضرب ذهبك أخلصها لك.
قال محمد بن رشد: قد مضى القول على هذه المسألة مستوفى في رسم حلف ألا يبيع رجلا سلعة سماها من سماع ابن القاسم فلا وجه لإعادته.
ومن كتاب البيوع الأول وسئل مالك عمن أخذ بدرهمه بنصفه لحما وبنصفه درهما صغيرا.
فقال: قد كنا نكرهه وما نرى اليوم به بأسا، قيل له: أرأيت إن كان بمصر فأخذ بنصفه فلوسا وبنصفه درهما صغيرا؟ فقال: ما أحبه، ولو أخذ حنطة ما رأيت به بأسا.
قال محمد بن رشد: أما البلد الذي لا فلوس فيه فجائز للرجل أن يأخذ فيها بنصف درهمه أو أكثر طعاما أو عرضا وبالباقي فضة أو درهما صغيرا، وقد كان مالك يكره ذلك أولا على ما ذكر في هذه الرواية.
وأما في البلد الذي فيه الفلوس ففيه ثلاثة أقوال: أحدها أنه لا يجوز للرجل أن يأخذ فيها أيضا بنصف درهمه أو أكثر طعاما أو عرضا وفلوسا وبالباقي فضة، وهو قوله في المدونة، والثاني قوله في هذه الرواية إنه يجوز