الدينار فلوسا ولا شيئا من الأشياء، وقد فرق في رسم المحرم يتخذ الخرقة لفرجه بعد هذا في آخر السماع بين أن يأخذ منه في النقصان فلوسا أو يحاسبه به في الطعام فيأخذ منه لنفسه ما وجب له فمنع من ذلك بالفلوس وأجازه بالطعام، وقال: إن ذلك بعد الوجوب، ويحتمل ذلك وجهين من التأويل.
أحدهما أن يكون إنما تكلم فيه على أن المبتاع قد أوجب البيع للبائع ولم يوجبه البائع له، وذلك مثل أن يقول المبتاع للبائع كم تبيعني من طعامك بدينار وازن؟ فيقول: عشرة أرادب، فيقول المبتاع: قد أخذته بذلك، فيخرج الدينار فيجده ناقصا قبل أن يقول البائع قد بعتك، والوجه في ذلك أن المبتاع لما أوجب على نفسه الدينار للبائع بعشرة أرادب وجب للبائع إن أراد أن يمضي له البيع به فلا يجوز له أن يبيعه منه بدينار ناقص وفلوس، ولما كان كان البائع لم يوجب على نفسه الطعام للمبتاع جاز للمبتاع أن يعطيه منه في نقصان الدينار، ولم يكن ذلك بيعا له قبل استيعابه إذ لم يجب له بعد ويكون معنى قوله في الرواية: وإنما هو عندي بمنزلة رجل اشترى بدرهمين حنطة، ثم قال له بعد ذلك: أعطني بدرهم وأقلني من درهم أنه بمنزلة في الجواز لا في استواء العلة لأنه في الدرهم من الدرهمين إقالة جائزة بعد تمام البيع، وفي نقصان الدرهم فعل جائز إذ لم يتم البيع بينهما، وهذا جائز أن يقال هذا مثل هذه وإن لم يكن مثله إلا في وجه من وجوهه، قال عز وجل: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12] يريد مثلهن في العدد لا فيما سواه وقال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: 38] يريد أمثالها في أنهم أمم لا فيما سوى ذلك، ويستدل على أنهم إنما أراد بقوله فيها