الكفالة والحوالة من المدونة، وفي قوله وإنما الاختلاف إذا أمره بقضاء دينار تام دليل على خلاف أنه إذا أمره بقضاء نصف دينار فقضاه دراهم إنما يرجع عليه بعدة الدراهم التي قضاه، وذلك إنما يصح على القول بأن من وجب له على رجل جزء من دينار قائم يراعى في وجه المصارفة فيه ما يوجبه الحكم من أن يقضيه فيه دراهم بصرف يوم القضاء؛ لأنه إذا قال له ادفع عني إلى فلان نصف دينار فكأنه إنما أمره أن يدفع إليه صرفه إذ هو الذي يوجبه الحكم، فوجب إذا دفع إليه صرفه أن يرجع بما دفع لأنه الذي أمر إلا أن يكون حابى المدفوع إليه في الصرف فلا يرجع بالمحاباة.
وأما على القول بأن من وجب له على رجل جزء من دينار قائم يراعى في وجه المصارفة فيه ما ترتب في الذمة من الذهب لا ما يوجبه الحكم في القضاء فدخل إذا أمره بقضاء نصف دينار تام فقضاه دراهم فالأمر مخير بين أن يعطيه نصف دينار أو دراهمه، وعلى هذا يأتي قول أصبغ في سماعه من كتاب العيوب فيمن باع سلعة بنصف دينار فأحال على المشتري غريما له بنصف دينار وليس بالدراهم خلاف قول ابن القاسم فيه وفي رسم حبل حبلة من سماع عيسى من كتاب جامع العيون.
وتحصيل القول فيمن أمر رجلا أن يقضي دينا عليه لرجل آخر فقضى عنه خلاف ما أمره به أن ذلك ينقسم على قسمين أحدهما أن يقضي عنه خلافه مما تختلف فيه الأغراض والثاني أن يقضي عنه أدنى منه في الصفة أو أقل منه في العدد أو ما يؤول إلى ما هو أقل منه في العدد.
فأما إذا قضاه خلافه مما تختلف فيه الأغراض ففي ذلك ثلاثة أقوال: أحدها أن ذلك جائز جملة من غير تفصيل، والثاني أن ذلك لا يجوز