مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في المدونة وغيرها، أن المولي إذا وقف فقال: أنا أفيء، ولم يفئ، يختبر المرتين والثلاث، ونحو ذلك من غير أن يعتبر في ذلك بالعدة، انقضت في أيام التلوم، أو لم تنقض؛ إذ ليست في عدة، فإن فاء، وإلا طلق عليه طلاقا يكون له فيه الرجعة، وقد نص في رواية ابن وهب عنه، من كتاب ابن المواز عنه على أنه إن أقام في الاختيار ثلاث حيض، فإنه يوقف أيضا إن قال: أنا أفيء، ويخلى بينه وبينها ما لم يكثر ذلك، فيطلق عليه، وهذا هو الذي يأتي على أصل مذهبه في أن المولي لا يقع عليه طلاق بحلول الأجل حتى يوقف، فأما أن يفيء وأما أن يطلق.

فقوله في هذه الرواية: إن لم يف حتى تنقضي عدتها من يوم وقف عليه طلقت عليه طلقة باينة راجع إلى القول بأن المولي مطالب بالفيئة في الأجل، وأنه لا يزاد عليه، ويلزمه الطلاق بانقضائه، وقد روى ذلك ابن الماجشون، عن مالك في كتابه، وهو قول سعيد بن المسيب، وأبي بكر بن عبد الرحمن، وابن شهاب، ومذهب أبي حنيفة؛ لأنه لم يزد في أجل الإيلاء شيئا؛ إذ لم ير أن يتلوم له إلا في طول المدة من أجل أن له فيها الرجعة، وهو قول فيه نظر؛ لأنه قال فيه: إنه إن فاء في العدة بقي على العصمة، وإن لم يف فيها كانت مطلقة عليه بانقضاء الأجل، فبانت منه بتمامها، فحصل أمره هي وقوع الطلاق عليه بانقضاء الأجل مترقبا بما يفعله بعد ذلك في العدة من الفيء أو تركه، ولم يوجب عليها أيضا عدة للأزواج بخلوته معها طول العدة على ما قاله في المسألة التي بعدها، وقد مضى القول على ذلك في أول مسألة من سماع ابن القاسم، وقد استحسن ابن عبد الحكم هذه الرواية على ما فيها من الاعتراض، وبالله التوفيق.

وروى المدنيون عن مالك أنه إذا وقف بعد انقضاء الأجل لا يؤخر، ولا يتلوم له مرة بعد مرة، وإنما يقال له: إما أن تفيء، وإما أن تطلق، والحمد لله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015