الليل، إلا أن يأذن له فلان، فقال فلان ذلك: فأشهدوا أني لا آذن له إلى الليل، ثم أذن له بعد ذلك.
قال أصبغ: لا أرى ذلك ينفعه، وأرى قوله الأول: لا آذن له عزما يلزمه؛ لأنه قد أشهد على نفسه بذلك، فهو بمنزلة التوقيف، أن لو وقف فأبى، ثم أراد بعد ذلك أو أشد، فأرى الحالف حانثا إن كان قد فعل.
قال محمد بن رشد: ليست هذه المسألة على ما بني عليه أصل المذهب من مراعاة المعاني في الأيمان، دون الاقتصار فيها على ما يقتضيه مجرد الألفاظ، والذي يجب في هذه المسألة على الأصل المذكور ألا يكون عليه شيء إن خرج إذا أذن له، وإن كان قد منعه أولا، وقال: لا آذن له، ألا ترى أنه لو قال لامرأته: أنت طالق إن خرجت إلا بإذني، فسألته أن تخرج فأبى أن يأذن لها، ثم سألته فأذن لها أن تخرج ولا تحنث ولا يضره منعه لها أولا من الخروج، ولا خلاف في هذا، ووجه قول أصبغ أنه حمل يمينه على اللفظ، ولم يراع المعنى، وجعل يمينه ألا يخرج من المسجد إلا أن يأذن له فلان، كحلفه ألا يخرج من المسجد إن نهاه فلان، فإذا خرج بعد أن نهاه وجب أن يحنث، وإن أذن له بعد ذلك على قياس قول أصبغ هذا لو أذن له أولا، ثم نهاه ألا يكون عليه شيء إن خرج على الإذن الأول بعد أن نهاه، وقد وقع نحو هذا لمالك في رسم الطلاق، من سماع أشهب، من كتاب التخيير والتمليك، ومضى في رسم يوصي، من سماع عيسى، من هذا الكتاب، من قولها في مسألة من هذا المعنى ما يزيد هذه المسألة بيانا، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل عن رجل كان له ثلاث نسوة، فقال لإحداهن: أنت طالق البتة، ثم قال للأخرى: أنت شريكتها، ثم قال للثالثة: أنت شريكتهما.
قال أصبغ: إذا قال البتة، فهن كلهن طوالق البتة، ولا ينفعه