معنى الكلام، والحالف إذا قرأ كتاب المحلوف عليه، فلم يوجد حقيقة التكليم ولا معناه؛ إذ لم يفهمه هو شيئا بقراءة كتابه، وإنما المحلوف عليه هو الذي أفهم الحالف، فوجب ألا يحنث، وبالله التوفيق.
مسألة قال: وكتب إلى ابن القاسم صاحب الشرط في رجل حلف: إن تزوج فلانة فهي طالق البتة، فتزوجها فدخل بها، فرفع ذلك إلي، فأردت أن أفرق بينهما، فكتب إليه ابن القاسم: لا تفرق بينهما.
قال: وبلغني عن ابن المسيب أن رجلا قال: حلفت بطلاق فلانة إن تزوجتها، قال: تزوجها وإثمك في رقبتي، وزعم أن المخزومي ممن حلف على أمة بمثل هذا.
قال محمد بن رشد: راعى ابن القاسم في هذه الرواية قول من ذهب من أهل العلم إلى أنه لا يلزم الرجل طلاق ما لم ينكح، بدليل ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قوله: «لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك» ، وهو مذهب الشافعي وكثير من العلماء، فلم ير أن يفرق بينها إذا دخلا، والمشهور في المذهب أنه يفرق بينهما على كل حال وإن دخلا، ولا يراعى الاختلاف في هذا، ومراعاته فيه شذوذ في المذهب، وإنما الاختلاف المشهور في مراعاته في الميراث والطلاق والعدة، فقيل لهما: لا يتوارثان إن مات أحدهما قبل أن يعثر على ذلك، وإن كان هو الميت لم يلزمها عدة إلا أن يكون موته بعد الدخول، فتعتد بثلاث حيض، وهو قول مالك في كتاب ابن المواز، واختيار ابن القاسم في رسم الرهون، من سماع عيسى قبل هذا، ودليل ما في المدونة، وعلى هذا لا يكون الفسخ فيه طلاقا، ولا يلزمه فيه ما طلق قبل أن يعثر عليه؛ لأنه قد طلق من قد بانت منه بالعقد، ولا يكون لها