بقيت إلا أن يبت طلاقها، وحكى ابن أبي زيد في المختصر عن أشهب، أن الشك يرتفع بعد ثلاثة أزواج، وترجع إليه إن تزوجها على جميع الطلاق، وهو قول ابن وهب، وبه أخذ ابن حبيب، قال يحيى بن عمر: قد تدبرته فوجدته خطأ، وقال ذلك الفضل أيضا، وهو كما قالا: إنه خطأ بين واضح لا يخفى بالاعتبار؛ لأن الزوج لا يهدم الطلقة ولا الطلقتين، فإذا طلق الرجل المرأة التي طلقها، فلم يدر كم طلقها أربع مرات بعد أربعة أزواج، لم يجز له أن يتزوجها إلا بعد زوج؛ لأنا نخشى أن يكون طلاقه أو لا اثنتين، فتكون قد بانت منه بالطلقة الأولى من الأربع، فبقيت من الأربع ثلاث، بانت بها منه، فلا يتزوجها إلا بعد زوج، وكذلك إن طلقها خمس مرات بعد خمسة أزواج، لم يجز أيضا أن يتزوجها إلا بعد زوج؛ لأنا نخشى أن يكون طلاقه أولا طلقة واحدة، فتكون قد بانت منه بالطلقتين الأولتين من الخمس تطليقات، ثلاث تطليقات بانت بها منه، فلا يتزوجها إلا بعد زوج إن طلقها خمس مرات بعد خمسة أزواج، لم يجز له أن يتزوجها، وكذلك ما زاد أبدا على هذا الترتيب، لا يرفع الشك على ما بيناه، وبالله التوفيق.
وقوله في المدخول بها وغير المدخول بها: إنهما سواء؛ يريد أنهما سواء طلق امرأته التي قد دخل بها، ولم يدر كم طلقها؟ أو قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، ولا يدري كم أراد؟ في أن الشك باق أبدا، لا يرتفع إلا بأن يبت طلاقها، ثم يتزوجها بعد زوج، والله الموفق.
مسألة قال: وسمعت ابن القاسم وسئل عمن حلف بالطلاق أن يخرج إلى أخيه بالعراق، فخرج فلقيه بالطريق، أو قدم قبل أن يخرج، أو بلغه موته إن كان إنما أراد لقيه، فلا شيء عليه، وليقم ولا يخرج، وإن كان إنما أراد العراق فليأتها.
قال محمد بن رشد: قوله: إن كان أراد لقيه، فلا شيء عليه، معناه إن كان أراد بيمينه أن يخرج حتى يلقاه، حيث ما لقيه ولو بالعراق، فلا شيء