فقال: هي اثنتان، وقاله سحنون.

قال محمد بن رشد: المسئول في هذه المسألة هو أشهب، والله أعلم؛ بدليل أنها معطوفة على ما قبلها من المسائل له، وهو أيضا معلوم من مذهبه أن البتة تتبعض، وأما ابن القاسم فقد حكى عنه ابن حبيب: أنها لا تتبعض، وهو قول أصبغ في نوازله بعد هذا، وروى ذلك أيضا عن مالك، ووقع ذلك له في المبسوطة، ومثله في كتاب ابن المواز.

والصحيح قول أشهب وسحنون هذا أن البتة تتبعض، وعلى هذا يأتي ما في كتاب الأيمان بالطلاق من المدونة، من تلفيق شهادة الشهود إذا شهد أحدهما بالثلاث، والآخر بالبتة؛ لأن نهاية الطلاق الثلاث، فإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق البتة، فإنما معنى قوله وإرادته: أنت طالق نهاية عدة الطلاق، كما قال عمر بن عبد العزيز: لو كان الطلاق ألفا ما أبقت البتة منه شيئا، من قال: البتة فقد رمى الغاية القصوى، فلا فرق في المعنى بين أن يقول: أنت طالق ثلاثا، أو أنت طالق البتة؛ لأنه واصف للطلاق في المسألتين جميعا بأقصى ما تبين به المرأة عنه من عدد الطلاق، فوجب أن يستويا في جميع الأحكام من التلفيق في الشهادة، والتبعيض بالاستثناء، وغير ذلك، وقد زدت هذا المعنى بيانا بالحجج النظرية في مسألة أفردنا التكلم عليه فيها، والله الموفق للصواب برحمته.

[مسألة: قال إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها بمصر طالق فتزوج ثم كلمه]

مسألة وسئل عن رجل قال: إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها بمصر طالق، فتزوج ثم كلمه.

فقال: لا شيء عليه في التي تزوج قبل يمينه، وإنما يلزمه الحنث فيما يتزوج بعد كلامه.

قال محمد بن رشد: هذا خلاف ما في المدونة؛ لأنه قال في العتق الأول منها في الذي يقول: إن كلمت فلانا فكل عبد أملكه من الصقالبة، فهو حر: إن كل عبد يملكه بعد يمينه من الصقالبة فهو حر إن كلمه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015