أن يشهد له بالجنة، وأما عمر بن عبد العزيز، فوقف مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في تحنيث من حلف عليه أنه من أهل الجنة، وقال: هو إمام هدى، وقال: هو رجل صالح، ولم يزد على ذلك؛ إذ لم يأت فيه نص يقطع العذر، ووجه ما ذهب إليه ابن القاسم التعلق بظاهر ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قوله: «إذا أردتم أن تعلموا ماذا للعبد عند ربه، فانظروا ماذا يتبعه من حسن الثناء» ، وقوله: «أنتم شهداء الله في الأرض، فمن أثنيتم عليه بخير وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه بشر وجبت له النار» ، وقد حصل الإجماع عن الأمة على حسن الثناء عليه، والإجماع معصوم؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لن تجتمع أمتي على ضلالة» ، وقد مضى في رسم الرهون، من سماع عيسى القول فيمن حلف أنه من أهل الجنة، أو أنه يدخل وهو مما يتعلق بهذا المعنى، وبالله التوفيق.
مسألة وسألته عن رجل مر به رجل وهو يتوضأ على شاطئ نهر، فقال له: قم معي في حاجة، فقال: امرأته طالق البتة إن قمت معك حتى أفرع من وضوئي، فتوضأ ثم ذهب معه، فذكر أنه نسي المضمضة أو مسح الأذنين أو الرأس، هل ترى عليه شيئا أم لا؟
قال: هو حانث؛ لأنه إنما أراد بقوله حتى أفرغ من وضوئي الوضوء الذي يتوضأ الناس، ولم يدر المفروض من المسنون.
قال محمد بن رشد: وهو كما قال؛ لأن الوضوء إذا أطلق في الشرع إنما يقع على جملة الوضوء وهو يشتمل على ما فيه من الفرائض والسنن، فتحمل يمينه على جميعها لدخولها تحت لفظ الوضوء، إلا أن يخص شيئا منها بنية أو استثناء، كما يحمل على العمد والنسيان؛ لدخولها تحت عموم لفظه، إلا أن يخص النسيان من ذلك بنية أو استثناء، فتكون له نيته إن جاء مستفتيا، وبالله التوفيق.