استيعابها لمشقتها عليه في أكلها كلها، ولم يدلنا أمره أنه أراد هاهنا ما أراد في الأخت، واليمين واحدة، غير أن البساط مختلف، ذلك حلف على الاجتناب لطعام أخته، وهذا لمشقة استيعابها.
قال محمد بن رشد: وجه احتجاج المغيرة على أبي يوسف، هو أنه لما سأله عن الفرق بين البر والحنث في قول الرجل: امرأتي طالق إن أكلت هذه البيضة، أو إن لم آكلها، ورأى أنه قد خفي عليه الفرق بينهما مع وضوح المعنى فيه، أراه أن الوجه الواحد منهما قد يفترق المعنى فيه بافتراق البساط تنبيها على قصور فهمه وضعف نظره؛ لأن الأيمان إذا كانت تفترق في الوجه الواحد افتراقا لا يخفى، فافتراقها في الوجهين اللذين أحدهما نقيض الآخر بين وأجلى، هذا ما لا ريب فيه ولا امتراء.
ولا اختلاف أحفظه في المذهب في أن البر يفترق من الحنث، فيحنث الرجل بما لا يبر فيه، وقد مضى بيان ذلك في رسم العرية، ورسم لم يدرك، من سماع عيسى، وفي غير ذلك من المواضع، وأما البساط فمراعاته في الأيمان على ما بينه المغيرة، هو المشهور في المذهب، وقد مضى الاختلاف فيه في سماع سحنون قبل هذا وغيره، فلا معنى لإعادة ذكره، وبالله التوفيق.
من سماع موسى بن معاوية عن ابن القاسم وسئل ابن القاسم عن رجل كانت بينه وبين امرأته منازعة، فقال لها: أنت طالق إن أنفقت علي يومي هذا، فكانت نفقتهم تأتيهم من قبل أبويه، فخرج الرجل، فأتى من بيت أبويه لها بطعام فأكلته.
قال ابن القاسم: إن كان ذلك الطعام طعاما لو شاء أن يمنعه منعه، فأراه حانثا، وإن كان طعاما لو شاء أن يمنعه لم يمنعه، رأيت أن يدين لأنه قد علم أن أباه كان يجري عليها نفقة، ولا