السلطان، فيقضي السلطان الغريم من مال الحالف.

قال: لا ينفعه ذلك، وهو حانث، قلت: فإن رفع الغريم أمره إلى السلطان، فحكم السلطان بدينه وقضاه من مال الحالف؟ قال: هو حانث إلا أن يكون وكل السلطان أن يقضي عنه، أو وكل أحدا، ألا ترى أنه يقضي عنه الحق، فيسقط عنه الحق بغير وكالة، ولا يسقط عنه اليمين، والسلطان وغيره في هذا سواء، وهو خلاف مغيب المحلوف له، ودفع الحالف المال إلى السلطان أن ذلك يخرجه من يمينه.

قال محمد بن رشد: قوله: إنه لا يبرأ ويخرج من الحنث بقضاء السلطان عنه إلا أن يوكله على ذلك، هو عندي على خلاف أصله فيمن حلف ألا يقضي غريمه، أو ألا يفعل فعلا، فقضاه السلطان من ماله، أو قضى عليه بالقضاء، أو حكم عليه بذلك الفعل أنه حانث؛ لأنه إذا كان قضاء السلطان من ماله يحنث به، كما لو قضاه هو إذا حلف ألا يقضيه، وجب على قياس ذلك، ألا يكون قضاء السلطان عنه من ماله يبر به، كما لو قضاه هو إذا حلف ليقضينه.

وإذا كان قضاء السلطان عنه من ماله لا يحنث به، إذ ليس قضاء السلطان كقضائه هو إذا حلف ألا يقضينه، يجب على قياس ذلك أن يكون قضاء السلطان عنه من ماله لا يبر به، إذ ليس قضاء السلطان كقضائه هو إذا حلف أن يقضيه، لا فرق بين الموضعين؛ لأنا إما أن نجعل السلطان في ذلك كوكيله عن ذلك، فيحنث بفعله إذا حلف ألا يفعل، ويبر بفعله إذا حلف ليفعلن، وهو أصل ابن الماجشون، وقد مضى ذكر الاختلاف في ذلك، في آخر سماع أشهب، وغير ما رسم، من سماع ابن القاسم، فيبر بقضاء الوكيل الموكل على القضاء، ولا يبر بقضاء الوكيل الذي ليس بموكل على القضاء، ويأتي في قضاء السلطان عنه قولان على ما بيناه، وقد مضى في رسم أسلم، من سماع عيسى، القول في قضاء الوكيل عنه، وما يتعلق بذلك، وبالله التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015